اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب الجزء : 1 صفحة : 249
كالشن. وانحنى كالحنية، وما أمن من المنية. وتحاماه الحمام، وعامت في بحر لياليه وأيامه الأعوام. وهو ممسوخ الحلية، ممسوح اللحية. قد بلى مما بلى، وقلى من طول ما لقي. وسئم حياته وسئم، وعدم لداته ولذاته وما عدم. وكم جاوز قرنا وعبره إلى قرن، وبارز قرنا ونازله بعد قرن. حتى لم يبق منه إلا إهابه، ولم يرقب منه إلا ذهابه.
فتعجب السلطان من مجيئه من البلاد الشاسعة، واختياره الضيق على الأرجاء الواسعة. فسأله كم بينه وبين وطنه، ولأي سبب حركته من سكنه! فقال: أما بلدي فعلى مسافة شهور، وإنما خرجت بقصد كنيسة القيامة لأظفر بالحج المبرور. فرق له ومن عليه بالإطلاق، وأخرجه من ذل الرق إلى عز العتاق. ورده إلى
الفرنج راكبا على فرس، ولم ير قتله ولا أسره، حيث رأى نفسا مرتهنة بنفس. وسأله خدام أولاده الصغار؛ أن يأذن لهم في تجريب سيوفهم بجرح الأسارى الكفار. فلم يأذن لهم في ذلك وأباه؛ فأرضى كل منهم - بامتثال الأمر - أباه. فقيل له: لأي سبب منعتهم من ثواب الجهاد المغتنم؟ فقال: لئلا بجترئوا من الصغر على سفك الدم. فانظر ما تحت هذا القول من الرأفة والكرم.
ذكر جماعة وصلوا من عسكر الإسلام
أول من قدم من العسكر الإسلامية علم الدين سليمان بن جندر، وكان بحلب المقدم المؤمر، وهو شيخ له رأى وتجربة، ومنزلة كبيرة ومرتبة، ومعه حصنا عزاز وبغراس. وللسلطان بقربه ومجاورته الاستئناس. فقدم في شهر ربيع الأول في عسكره، وأبيضه وأسمره، وبيضه ومغفره، وجنى جنده وسنى سنوره. وجلبه ولجبه، وزمره وعصبه، وبيارقه ويليه، وبوارقه وسحبه.
وقدم في ذلك التاريخ بقدمه الملك الأمجد مجد الدين يهرام شاه صاحب بعلبك، وقد استصحب معه مماليكه الترك، وقد نوى بالمشركين الفتك، ولسترهم الهتك، ولدمائهم السفك. فوصل بقواطعه وقواضبه، وصوافنه وسلاهبه، وطلائعه ومقانبه، وحضر من المحاسن بكل ما يعرب عن مناقبه. وقد زين ليل القساطل من أسنة العوامل بكواكبه، وأظمأ جواده ليرد به دماء أهل الكفر، فإنه يعدها من مشاربه، فعن ذلك اليوم من القادمين والمستقبلين بذلك القضاء؛ جيش زررت الربا عليه جيوبها وغطته من العجاج بأرداء، وجرى ذلك الوادي من الأجناد والأمراء بسيل خيل ترد دأماء الدماء. وخرق ذلك الخرق أرعن في حافاته الخرق، ومن عاداه بعداته الحرق، ومن آفاته عند موافاته من فرق الكفر الفرق، ومن علاقته عند الظماء أن لا يرويه إلا العلق، ومن صبابته بالسير إلى عناق الأعداء بسواعد سيوفه الخبب والعنق. ومن شيمته عوض التغلف بالعبير التضمخ بالنجيع، ومن
ديمته وبل
اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب الجزء : 1 صفحة : 249