responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب    الجزء : 1  صفحة : 126
ولما امتنع البرج تركناه، وما كانت فيه فرصة لو أدركناه. وكيف كنا نشتغل بفتح برج عن فتح البلاد، وللفرص أوقات هي لها بالمرصاد، ومن يسلك الجدد اللاحب لا يعرج على بنيات الطرق، ولا يستغنى مدلج الليل بالداراري عن الفلق.
ورحلنا عنها رابع عشر الشهر، شاهرين على الأعداء سيوف القهر. ونزلنا على
مرقية وقد خلت من أهلها وتخلت، وتشعشعت عمارتها واختلت. وكان جوازنا إلى جبلة على الساحل تحت حصن المرقب، وهو معقل للاسبتارية عالي المنكب، سامي المرقى والمرقب، ضيق المذهب، عسر المطلب. فلم يكن بد من عبور ذلك المضيق، وسلوك تلك الطريق.
وقد صفت الفرنج في البحر المراكب، وسدوا المذاهب، وردوا الراجل والراكب. وفوقوا الجرخ للجرح، وسددوا الزنبورك للقرح والطرح. فعثر العبور، وكثر العثور. وامتنع الجواز، ووجب الاحتراز، واعوز الظهور وظهر الاعواز.
وذلك أن صاحب صقلية؛ رام أن يكشف عن الفرنج البلية. فجهز أسطولا بجهازه مستطيلا، وحمله من عدد القتال وعدد الرجال عبثا ثقيلا، واتفق وصوله في تلك الأيام في ستين قطعة، تحسب كل واحدة منها قلعة أو تلعة. من كل شيني من شأنه شن الغارة، ومن عادته العادية تشيعت العمارة. مع طاغية يقال له المرغريط، قد عرف منه التوريط، من أرجس الطواغيت، وأنجس العفاريت. فوصل إلى طرابلس بطوله وأسطوله وصولة وصوله. فما أحلى ولا أمر، ولا نفع ولا ضر، ولا استقل ولا استقر. ولا نقض ولا أمر. بل صار على الفرنج وبالا، وأحدث لهم بما يسومهم من مئونته إمحالا، وما خفف عنهم بل زادهم على الثقل أثقالا، ووجد الكفر في أوان توانيه، فلم ينتفع ولم يرتفع شأن شوانيه. وصار إلى صور ثم رجع إلى طرابلس، وتردد في البحر وتلدد وأبلس. وتفرقت جماعته، وتجنبت شجاعته. واضطرب في البحر اشتهرا، لا يظهر له رأى ولا يرى له مظهرا فتقطعت اقطاعه، وتتابعت في الفرا اتباعه. حتى عاد في عدة يسيرة، وشدة عسيرة.
وكان هذا الطاغية قد حضر يوم عبورنا تحت المرقب بمراكبه، مصفوفة في البحر من جوانبه. قد ضيق الطريق، ولم يطرق المضيق، فأمر السلطان يحمل
الجفاتي إلى هناك وتصقيفها، والستائر وتأليفها، والتراس وترصيفها، وأقعد من ورائها على مقابلة سفن القوم وازائها؛ الكماة النخية، والرماة الجرخية. حتى تباعدت تلك السفن، ودب اليها الوهن، وتمت عليها المحن، وأنحت الإحن. ورحل العسكر فعبر آمنا وأمن عابرا، وسار ظاهرا وظهر سائرا. وجزنا على مدينة يقال لها بلنياس، وقد أجفل عنها الناس. ونزلنا على أرضها، وخمينا في طولها وعرضها، وأنسنا بنهرها وزهرها غب الارواء والرواء، وحسبنا على نواظر رياضها نواظر الارتضاء. وبتنا ونفحات النادي

اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب    الجزء : 1  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست