responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 98
شخصاً ولم يهلك، فإن أفراد أسرته وقبيلته يطردونه على الفور، ولا يصرحون له بالعودة إلى الخيمة قبل مضي ثلاث سنوات، والغريب أنهم كانوا يتصورون أنه إذا جلس شخص في الماء وقت الربيع أو الصيف، أو غسل يده في النهر و وضع الماء في أواني ذهبية أو فضية، أو ألقى بلباس مغسول في الصحراء، فإنه ينتج عن هذا كله رعد وبرق كثير، وهو أخشى ما يخشاه المغول، وتجنباً لكل هذا، نصت الياسا على عقوبات قاسية تنفذ فوراً فيمن يقترف هذه الخطايا وهكذا كان المغول يخشون قوة السماء الأبدية ـ كما كانوا يسمونها ـ أكثر من أي آخر، فمن السماء تأتي الأعاصير والرعد والبرق والعواصف الثلجية، ومن السماء أيضاً يأتي دفء الربيع الذي يهب الحياة والأمطار التي تغذي الحشائش وفي بعض الأوقات كان جنكيز خان يتجه بمفرده إلى قمة جبل مرتفع ليتضرع إلى هذه القوة الخفية في السماء قائلاً: ابعث إلي بأرواح طبقات الهواء العليا لتصادقني، أما على الأرض فأبعث إلي برجال يكونون عوناً لي ([1]
كذلك وقر في نفوس البعض منهم أنه بدون التمتمات والطقوس والخزعبلات التي يلجأ إليها الساحر، لا يمكن أن ينزل المطر والثلج وكانوا يعاملون المرضى معاملة قاسية وكانت عاداتهم عندما يمرض أحد منهم، يعزل عن مرقده وتوضع علامة على مسكنه تشير إلى وجود مريض في الداخل، وإلى عدم دخول أحد عليه، ولا يزور المريض أحد أبداً إلا من يتولى خدمته وقد توضع حربة خارج خيمة المريض، تلف حولها قطعة من الصوف الأسود وبذلك لا يجرؤ شخص غريب على دخولها وعندما تشتد علة المريض، يتركه الجميع، لأنه ليس مصرحاً لمن يشاهد موته أن يدخل قصر الإمبراطور، أو مسكن عظيم من العظماء حتى يبزغ القمر الجديد، فكأنهم بسلوكهم هذا ينظرون إلى المريض نظرتهم إلى ملوث نجس [2]. وهكذا ذاعت تلك الخرافات، وانتشرت بين أقوام المغول انتشاراً عجيبا، وقد تحدث عنها اغلب المؤرخين والرحالة [3]، وكان المغول يقدرون الأشخاص الذين يؤدون لهم خدمات جليلة، أو يقدمون لهم مساعدات قيمة في أوقات المحنة والشدة واعترافاً بهذه المنة، كانوا يعنون بمثل هؤلاء الأشخاص، ويتعطفون عليهم وهذا العطف والتقدير يسمى بالمغولية "سيورغاميش" ويهبونهم الأراضي والأملاك ليستغلونها، ولينتفعوا بما تدره عليهم، ثم تئول تلك الأملاك إلى أعقابهم بالوراثة ويعرف هذا في المغولية بما يسمى ((سيورغال)) وأحياناً كانوا يعطونهم

[1] المغول صـ 355 ..
[2] المصدر نفسه صـ 356.
[3] المصدر نفسه صـ 356.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست