اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 72
هذه الصدد، أنه جرى تطبيق الياسا بصرامة، وأن هذا التطبيق جعل من المغول أكثر شعوب العالم طاعة لرؤسائهم إلى حد يفوق طاعة الرهبان لأمراء الكنيسة، وكانت الياسا أول خطوة اتخذها جنكيز خان لإضعاف النزعات والميول الإقطاعية الضارة بالوحدة ([1])،
لقد رأى الخان الأعظم للمغول، أنه لا يمكن جمع كلمة هؤلاء القبليين المتعطشين للدماء إلا بتشريع قانون يلتفون حوله، وينزلون جميعاً على حكمه، ولابد أن تكون مواد هذا القانون مشتملة على عقوبات فيها جد وصرامة توقع على المذنبين في غير ما شفقة ولا رحمة، لأن هؤلاء الأتباع إن تركوا وشأنهم يحيون حيتهم القديمة، فإنهم يعودون إلى ما كانوا عليه من الفوضى، وقتل بعضهم البعض والتطاحن من أجل الأسلاب والمراعي، ولكن، إذا كانت الياسا قد فضت النزاع والخصام بين المغول الذين كانوا يعيشوا من قبل كقطعان الذئاب التي لا ضابط لها ولا رابط، فإنها من جهة أخرى قد حولتها إلى جيوش منظمة، تعرف كيف ترسم خططها بدقة وإحكام، وتغير على الأمم المتحضرة كأنها الإعصار المدمر أو كأسراب الجراد التي تنزل على الحقول المورقة، فتلتهمها التهاماً وتأتي على كل ما فيها [2].
وقد تعود المغول أن يرجعوا إلى نصوص الياسا يستشيرونها، ويعملون وفق ما تشير به وذلك في الأحوال الآتية:
ـ عندما يجلس خان جديد على عرش المغول.
ـ عندما يعقد مؤتمر عام يحضره الأمراء لمناقشة السياسة العامة للدولة.
ـ في حالة تعبئة الجيوش والاستعداد للقتال [3].
لقد أصدر جنكيز خان مجموعة القوانين المعروفة بالياسا، والتي نسخت كل ما سبق من قوانين العرف في الإستبس، لكي يربط أقاليمه معاً، في ظل حكم موحد، وهذه الياسا التي صدرت مجزأة طول حكم جنكيز خان حددت ما لرؤساء العشائر من حقوق وامتيازات وما هو مقرر للخان من شروط الخدمة العسكرية وغيرها من الخدمات، وقواعد نظام الضرائب فضلاً عن مبادئ القانون الجنائي والمدني والتجاري، وبعبارة أخرى يمكننا أن نقول: إن هذا [1] المصدر نفسه صـ104 .. [2] المغول د. فؤاد عبد المعطي صـ339. [3] المصدر نفسه صـ338.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 72