responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 70
عندما كان أعظم جنرالاته بعيداً عنه، موخالي في الصين، وسوبوداي وجيبة في روسيا في أوربا الشرقي، فإن جنكيز خان لم يحتل خوارزم وخراسان فحسب، بل سار بعد ذلك منتصراً خلال جبال أفغانستان المخيفة، دون أن يتعرض جيشه ولو مرة إلى خطر من أي نوع، وبعد موته، وحتى بقيادة أشهر الجنرالات وأولاده وأحفاده فإن المغول لم يحققوا إنجازات مثيلة لإنجازاتهم أثناء حياته وتحت قيادته، وقد استطاع جنكيز خان انتزاع الإعجاب والتفاني من الفريق القيادي الذي كان معه من أمثال وزيره الصيني الحكيم يلوي ـ تشو سي ـ ومن تلك الكوكبة الفريدة من القادة اللامعين الذين أحاطوا به، من المغول: بوكورجي، موخالي، سوبوداي، جيبة وساموخا وغيرهم كثير، مما يدل أن جنكيز خان لم يكن وحده شخصية كبيرة فذة فحسب، بل أن فراسته ومعرفته بالرجال، واختيارهم ما هي إلا العبقرية بعينها ([1]
ومن الأدلة على معرفته بالرجال اختياره أثناء حياته خليفته، ودلَّ هذا الاختيار على حكمته واتساع أفقه وقوة فكره ونفاذ بصيرته، فلم يغتر بما اشتهر به تولوي من مواهب عسكرية أو بما اتصف به جغتاي من صرامة، يستطيع أن يفيد منها في تحقيق المبادئ الأساسية التي ينطوي عليها نظام جنكيز خان، بل ركز اهتمامه في أوكتاي الذي تعلقت به القلوب، لما اشتهر به من طلاقة الوجه والسخاء ونظراً لأن ما اشتهر جنكيز خان من قوة الإرادة، التي لم يرثها أحد من أبنائه، كان لا بد أن يشترك جميع أفراد الأسرة بعد وفاته في إدارة البلاد، إذ أن وحدة الإمبراطورية لا يحفظها إلا رجل يتصف بقوة الإرادة، والتفكير السليم، ويتحلى بخلال خلقية تجعله مقبولاً عند الناس [2].
ـ رجل دولة وسياسة: لم يكن جنكيز خان رجل حرب متفوقاً فحسب، بل كان إلى جانب ذلك رجل سياسة ودولة، وكان من خصاله البارزة العزم الذي لا ينثني والمقدرة على ألا يتعدى حدود إمكاناته الشخصية، وفي حين كان عظيم المطامع، فقد كان مع ذلك حريصاً على أن تكون مشاريعه أبداً في حدود إمكاناته إنه لم يمن قط بأية هزيمة، ولا أصيب بكارثة، وقد ترك لأولاده إمبراطورية مترامية الأطراف شاسعة الأرجاء، وأقوى جيش في ذلك العصر، وإذا قارنا بين جنكيز خان وبعض القادة وتاريخ الإنسانية رأينا الفرق الكبير، فمثلاً نابليون بونابرت ألمع القادة الأوربيون تراجع عاجزاً أمام مدينة صغيرة كعكا وتخلى عن جيش كامل

[1] المصدر نفسه صـ32 ..
[2] المغول للعريني صـ155.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 70
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست