اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 66
السواء وقد شق طريقه إلى السلطة بالعمل ضد أناس كانوا على شجاعة خارقة، ومن الأمثلة على إعجابه بالشجاعة أنه في نهاية المعركة التي أنتصر فيها على السلطان الخوارزمي جلال الدين، عند نهر السند عام 1221م فقد بلغ إعجابه بشجاعة خصمه الشاب، رغم ما اعتراه من أسف لفراره بالقفز مع جواده إلى النهر إلى حد حمله على أن يهتف قائلاً كمثل هذا يجب أن تلد النساء وقد اعتبر جلال الدين صنواً له في الشجاعة والإقدام [1]، وسألهه (بالاخراجا) يوماً وكان قائداً أسيراً لديه قائلاً له: إنهم يدعونك بطلاً عظيم القدرة فما هو دليلك على ذلك؟ فأجاب جنكيز خان في صباي، كنت يوماً أسير على جوادي وحيداً في الفلاة وقد اعترضني ستة رجال كانوا يكمنون لقتلي عند مخاضة وقد هاجمتهم بسيفي تحت وابل سهامهم، وقتلتهم جميعاً، وتابعت طريقي دون أن أصاب بأذى، وقد مررت بطريق عودتي، بالمكان الذي قتلت فيه أولئك الأعداء فوجدت خيولهم طليقة ومن لا يعتني بها، فاستوليت عليها. قص جنكيز خان هذه الحادثة كجواب على سؤال (بالاخراجا) وكدليل على شجاعته وبأسه والأهم من ذلك أنه كان يؤكد بهذه القصة اعتقاده بأنه يتمتع بحماية سماوية: لقد قررت السماء ـ على حد قولهم ـ أنه لن يموت قتلاً وقد قتل جميع أعدائه واستولى على خيولهم [2].
ـ السخاء والكرم: كان سخياً في مكافأة ضباطه لكل عمل يظهرون فيه شجاعة فائقة، وكان معروفاً بالجود والكرم، ومما ذكره الجويني عنه في هذا الخلق، أنه قدم له بعض الفلاحين بالصين ثلاث بطيخات، فلم يتفق أن عند جنكيز خان أحد من الخزاندرية فقال لزوجته "خاتون": أعطيه هذين القرطين اللذين في أذنيك، وكان فيهما جوهرتان نفيستان جداً فشحت المرأة بهما وقالت: انظر إلى غيره، فإن هذا لا يدري ما هما، فقال: أدفعيهما إليه فإنهما لا يبيتان هذه الليلة إلا عندك، وهذا الرجل لا يمكننا أن ندعه يذهب عنا مقلقل الخاطر وربما لا يحصل له شيء بعد هذا، وإن هذين لا يمكن أن أحداً إذا اشتراهما إلا جاء بهما إليك، فانتزعتهما فدفعتهما إلى الفلاح، فطار عقله بهما، وذهب بهما فباعهما لبعض التجار بألف دينار، ولم يعرف قيمتها فحملها التاجر إلى الملك فردهما على زوجته [3]. واجتاز يوماً في سوق، فرأى [1] المصدر نفسه صـ27. [2] المصدر نفسه صـ27. [3] البداية والنهاية (17/ 167).
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 66