اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 333
أسلحة ولا أطعمه ولا أدوية، لقد احترم الأمراء المسلمون النظام الدولي الجديد الذي فرضته القوة الأولى في العالم ـ التتار ـ على إخوانهم وأخواتهم وأبناهم وبناتهم وآبائهم وأمهاتهم المسلمين والواقع أنني أتعجب من رد فعل الشعوب، أين كانت الشعوب؟
ـ لم يكن الشعوب تملك حريتها وقرارها بل كانت خاضعة لإرادة حكامها.
ـ كانت هناك عمليات ((غسيل مخ)) مستمرة لكل شعوب المنطقة فلا شك أن الحكام ووزراءهم وعلماءهم كانوا يقنعون الناس بحسن سياستهم وبحكمة إدارتهم.
ـ من لم يقنعه العلماء والخطب والحجج فإقناعه يكون بالسيف، لقد تعودت الشعوب على القهر والبطش والظلم من الولاة [1].
أقبل المغول على فرض حصار شديد على مدينة ميافارقين، اشتركت فيه فرق أرمينية ومسيحية شرقية وقابله المسلمون داخل المدينة بصمود هائل عجز أمامه المغول على اقتحامها مدة طويلة، وكان في جيش الملك الكامل فارسان بارعان أذهلا قادة المغول ودوخاهم وأوقعاهم في الدهشة والحيرة، إذ كان لبسالتهما وأحكامهما الرماية سبباً في إنزال أفدح الخسائر في الجيش المغولي، حتى اضطر هولاكو الذي أدرك عجز قواته عن اقتحام المدينة إلى إرسال مدد جديد بقيادة الأمير أرقتو، وانضم هذا القائد الجديد بجموعه إلى الجهة التي فيها جيش الأمير المغولي إيلكيا نويان، ونظراً لطول الحصار الذي فرضه المغول على المدينة، نفذت الأرزاق من داخلها وعم القحط وانتشر الوباء وتهدمت الأسوار من شدة ضرب المنجنيقات، حتى هلك أكثر سكان المدينة [2]، فقد وقعت المجاعة فيها بسبب الحصار الطويل وفي عام 658هـ 1260م سقط آخر معقل للمقاومة في الجزيرة ودخل التَّتار ميَّافارقين"فوجدوا جميع سُكَّنها موتى، ما عدا سبعين شخصاً نصف أحياء، وقبضوا على الكامل الأيوبي؛ فعنَّفه هولاكو وأمر بتقطيعه [3]، وأخذوا يقطعون لحمه قطعاً صغيرة ويدفعون بها إلى فمه حتى مات، ثم قطعوا رأسه وحملوه على رمح وطافوا به في البلاد وذلك في سنة 657هـ/1259م [4]، حتى وصل دمشق، فعلَّقوه على باب الفراديس، حتى أنزله الأهالي ودفنوه وقتل المغول كل من وجدوه في ميَّافارقين وهدموها، وهذا يدل على شدة حنق المغول من الملك الكامل، ومن [1] قصة التتار صـ178. [2] جهاد المماليك صـ76. [3] المصدر نفسه صـ76. [4] المصدر نفسه صـ76.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 333