اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 238
وقد أمر المأمون للحسن عند منصرفه بعشرة آلاف ألف درهم [1]، وأقطعه فم الصلح، فجلس الحسن وفرق المال على قواده وأصحابه وحشمه، وقد كان الحسن كثير العطاء للشعراء وغيرهم فقصده بعض الشعراء وأنشده:
تقوم خليلتي لما رأتني ... أشد مطيتي من بعد حل
أبعد الفضل ترتحل المطايا ... فقلت نعم إلى الحسن بن سهل
قد كانت حياتهم مليئة بالترف والإخلاد إلى الأرض والرضى بمباهجها، والتوسع في ذلك توسعاً عظيماً، إذ بنوا بغداد على هيئة عظيمة، وتوسعوا في بناء القصور ذات الأواوين [2]، الضخمة وتفننوا في البناء والزينة، والزخارف والنقوش، والستائر والبسط والأثاث والتماثيل والتحف والأواني، وفي الطعام والشراب، كما تألقوا في الجواهر والزينة والطيب والملبس والثياب، متأثرين بالأزياء الفارسية واهتموا بأدوات الترويح واللعب، كسباق الخيل، وسباق الحمام الزاجل ولعبة الصولجان والشطرانج والنرد والصيد بالبزاة، والصقور والشواهين والكلاب والفهود وهذا يدل على الترف والبذخ الذي كان يتمتع به الخلفاء وأبناء البيت العباسي، والوزراء والقواد، وكبار رجال الدولة، والتجار، وبعض الشعراء والكتاب والمغنيين والعلماء، وأما الشعب فيكدح ويعيش في بؤس وشقاء، ويتحمل أعباء الحياة إلى غير حد، وكانت خزائن الدولة مملوءة تحمل إليها الأموال والذهب والفضة من جميع أرجاء الدولة ونروي في ذلك روايات كثيرة نبين مدى الثراء والترف والنعيم ومظاهر الإنفاق على الجواري والقيان والمغنيين والحفلات والحاشية والأعوان وتبين جود الخلفاء والوزراء، والولاة والقادة، وكرمهم وعطاياهم للشعراء وغيرهم ونفذوا إلى طائفة من الآداب، كآداب المائدة واقتبسوا كثيراً منها عن الفرس، وآداب المساهرة والمنادمة، وكان هذا البذخ وما صاحبه من اعتصار الشعب من الأسباب في كثرة الثورات على العباسيين، ولم يكن هذا شأن كل خلفاء بني العباس، لكن كان هذا السمة الغالبة لأكثرهم ([3])،
فكان من الطبيعي والحال هكذا أن تسقط دولة بني العباس أمام زحف المغول وإليك هذا المنظر الذي ذكره ابن كثير في الوقت الذي كان التتار يحاصرون بغداد ويحيطون بدار الخلافة يرشقونها بالنبال [1] المصدر نفسه صـ35. [2] تاريخ الطبري نقلاً عن الترف صـ37. [3] الترف صـ 37 ـ 39 ..
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 238