responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 155
أموال، وهكذا نرى تفرق الجيش الخوارزمي بين المدن الخوارزمية المختلفة، مما سهل على المغول القضاء على المدن واحدة تلو أخرى، ولو أن علاء الدين جمع جيوشه وقابل بها المغول دفعة واحدة، لربما سهل عليه القضاء عليهم وبسبب تجمع الجيوش الخوارزمية في داخل المدن، نرى علاء الدين يعمل جاهداً على تحصين تلك المدن وتقوية حوائطها، حتى يكون الجنود وهم في داخل الأسوار في مأمن من غدر أعدائهم، ومن الأمثلة على ذلك ما فعله في مدينة سمرقند إذ أنه رغم إتساع هذه
المدينة نراه يشرع في بناء سور حولها ليكون وسيلة قوية من وسائل الدفاع، ولكي يحصل على المال اللازم لهذا المشروع نراه يوزع عماله في الأقاليم لجمع الضرائب باسم عمارة سور سمرقند، واستطاع بعد ذلك أن يجمع المال اللازم لهذا المشروع وفي وقت قصير، ولكن الغزو المغولي المفاجئ منعه من إنجاز مشروعه، ويذهب المؤرخون مذاهب شتى في تعليل السبب الذي دفع علاء الدين إلى توزيع قواته على هذا النحو في داخل المدن الخوارزمية، فيرى جيبون أنه قد ظن أن المغول سيملون حصار هذه المدن العديدة، ومن ثم يعودون إلى بلادهم دون أن ينالوا من هذه المدن منالاً [1]، ويرى سيكس أن علاء الدين خوارزمشاه ظن في ذلك الوقت أن جنكيز خان سيكتفي في البلاد الإسلامية بنهب ما تصل إليه أيديه من الغنائم والأسلاب ثم يعود من حيث أتى ([2]
وهذا يخالف طبعاً ما عزم عليه جنكيز خان من إخضاع أقاليم آسيا الغربية، ويرى فلادمير ستوف أن السلطان الخوارزمي كان لا يثق بقواته ولذلك كان يخشى أن يتجمع عدد كبير من رجاله تحت قيادة رجل واحد فتنقلب عليه هذه الجيوش تحقيقاً لرغبة قائدها قد تحدثه نفسه بعصيان السلطان، فوق ما تقدم فإن القوات الخوارزميين لم يكونوا من الكفاية والمقدرة بحيث يستطيع قائد واحد منهم أن يقود جيشاً كبيراً، أضف إلى ذلك أن علاء الدين وجد أنه من الصعب عليه أن يلتقي بأعدائه في العراء، ولذلك فضل التحصن في المدن، ومما تقدم أن نظام الخوارزميين الحربي كان مرتبكاً ومضطرباً، وأن قوتهم وزعت وتفرقت، ولذلك سهل على المغول إخضاع المدينة تلو الأخرى وإبادة الحامية بعد الحامية، كما سهل عليهم بعد إنهيار بلاد ما وراء النهر التي ركز الخوارزميون فيها وسائل دفاعهم أن يزيلوا الدولة الخوارزمية ويخربوا ما عمَّره المسلمون من مدنها، ويجعلوا منها أطلالاً لا تجد من يبكيها [3].

[1] الدولة الخوارزمية والمغول صـ237.
[2] الدولة الخوارزمية والمغول صـ237، 238 ..
[3] المصدر نفسه صـ 238.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست