اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 154
أصلهم إلى السهول الواقعة شمالي إقليم خوارزم وفي شمال شرقي بحر قزوين وقد اندفعوا إلى أراضي الخوارزمية على اثر تصاهرهم مع سلاطين هذه الدولة فقد تزوج السلطان علاء الدين تكش من تركان خاتون ابنة أحد زعماء هذه القبائل وكان من اثر ذلك أن هاجر كثير من رجال هذه القبائل من أقرباء تركان خاتون وأفراد عشيرتها إلى أراضي الدولة الخوارزمية ودخلوا في خدمة علاء الدين محمد خوارزمشاه وخاصة بعد أن منحهم السلطان بعض الأقاليم ليحكموها باسمه، وأطلق أيديهم فيها، ومما لا شك، أن قوة الخوارزميين قد تضاءلت أمام هذه الارستقراطية العسكرية، وشعر الأهلون فعلاً، وكذا السلطان بالحاجة إلى التحفظ في إشباع رغبات هؤلاء الجند الذين كانت محبتهم له مزعزعة الأركان، وطاعتهم له لا تقوم على شعور ينم عن الإخلاص، فلما شعروا بنوايا السلطان نحوهم عمدوا إلى إرهاب الأهالي المسالمين ونهب حوانيتهم في الطرقات [1]، وتفنن هؤلاء الجند الغرباء في تعذيب الأهالي وسلكوا في ذلك سبلاً متعددة، فاضطرب الأمن في البلاد واضطربت معه أحوال الدولة السياسة والاجتماعية [2].
لقد كان جنود الأتراك مصدر قلق واضطراب للدولة الخوارزمية فإن هؤلاء الجند لم يهتموا كثيراً بالدفاع عن هذه الدولة شأنهم في ذلك شأن الجنود المرتزقة الذين يوكل إليهم أمر الدفاع عن شعب غريب عنهم وكانوا يدركون أنهم إذا انتصروا في ميدان القتال فلن يعود عليهم هذا النصر بخير كثير، ثم إن الجيش الخوارزمي كان ينقصه النظام والطاعة للقواد والقدرة على تحمل الصعاب، تلك الصفات التي كانت من أهم مميزات الجيش المغولي، وأهم من ذلك كله فقد فقد علاء الدين خوارزمشاه ثقة شعبه، فلم يشاركوه بقلوبهم في الاستعداد لمواجهة هذا الخطر الداهم، ولم يسارعوا للانضمام تحت لوائه، كما لم يساعدوه في جمع المال اللازم للإنفاق على جنوده، هذا فضلاً عن أن القدرة على تجنيد السلطان لمن يشاء من رعيته لم تتوفر، وأما ناحية الخطة الحربية التي اتبعها علاء الدين خوارزمشاه، فنرى أنها كانت خطة غير موفقة، إذ بدلاً من أن يجمع جيشاً واحداً يقف به في وجه المغول نراه يوزع قواته على المدن المختلفة في بلاد ما وراء النهر، فمثلاً نراه يضع في مدينة بخارى عشرين ألف رجل، وفي سمرقند خمسين ألفاً، كما نراه يضع في مدينة أترار التي تعتبر مفتاح هذا الإقليم عشرين ألفاً، ونراه أيضاً يرسل دعاته إلى أقاليم الدولة الخوارزمية المختلفة لجباية الضرائب منها، معلناً أنه سيصنع في كل إقليم جيشاً يعادل ما يجمع من هذا الإقليم من [1] الدولة الخوارزمية والمغول صـ 236. [2] المصدر نفسه صـ 233.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 154