responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 151
[3] ـ النزاع الداخلي في الأسرة الخوارزمية: إن سنة الله تعالى ماضية في الشعوب والأمم لا تتبدل ولا تتغير، ولا تجامل وقد جعل الله سبحانه وتعالى من أسباب هلاك الأمم وزوال الدول الاختلاق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإن من كان قبلكم اختلقوا فهلكوا" وفي رواية ((فأهلكوا))، "وعند ابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه، فإنما أهلك من كان قبلكم بالاختلاق ([1]) ".
إن من الدروس المهمة في هذه الدراسة التاريخية أن نتوقى الهلاك بتوقي أسباب الاختلاق المذموم لأن الاختلاق كان سبباً في ضياع الدولة الخوارزمية وهلاكها وإندثارها وكان لهذا الاختلاف الذي وقع فيه البيت الخوارزمي أسبابه منها: ضعف الوازع الديني والأنانية وحب الذات والتكالب على المصالح الدنيوية والتناحر من أجلها والحرص على السلطة والجاه والمنصب، فهذه الأسباب كانت وقوداً للمنازعات والخلافات التي وقعت بين أفراد البيت الخوارزمي فكانت من أكبر معاول الهدم وأسباب الضعف وتلاشي الدولة، وقد استقرأ هذه الحقيقة ابن خلدون حيث ذكر أن من آثار الهرم في الدولة انقسامها وأن التنازع بين القرابة يقلص نطاقها كما يؤدي إلى قسمتها واضمحلالها [2]. لقد بدأ الخلاف المؤثر في الأسرة الخوارزمية بالصراع بين علاء الدين الخوارزمي ووالدته تركان خاتون التي كونت لها عصبية قوية من قوات عشيرتها حتى أصبح نفوذها في الدولة لا يقل عن نفوذ السلطان نفسه، من ذلك أنه كان إذا حدث حادث من جهة من جهات الدولة، أو عرضت مشكلة من المشاكل وصدر فيها حكمان متناقضان أحدهما من السلطان والآخر من تركان خاتون، نظر في تاريخ كل من الحكمين ونقض أحدثهما [3].
وهذا ينافي تماماً ما يجب أن يكون في مثل هذه الأحوال من حيث احترام أوامر السلطان مهما كان تاريخ الأوامر التي تصدرها تركان خاتون ولذلك نرى أن نفوذ هذه السلطانة وعشيرتها قد توغل في الدولة مما أضعف هيبة حكامها، وفضلاً عن ذلك فإن السلطان علاء الدين خوارزمشاه كان لا يخالف لأمه أمراً، لكونها أمه، وبسبب كثرة أمراء الدولة وحكامها الذين كانوا من عشيرتها، ولنضرب مثلاً لقوة تركان خاتون وتغلغل نفوذها في الدولة، فقد أمكنها أن ترفع أحد

[1] صحيح البخاري بشرح العسقلاني (9/ 101،102).
[2] الضعف المعنوي وأثره في سقوط الأمم صـ118.
[3] سيرة جلال الدين منكبرتي صـ42.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست