اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 125
من دمشق، يستنجده على الفرنج الذين كانوا وقتذاك قد استولوا على دمياط ([1])،
ووصلت قوات أمراء إربل والموصل والجزيرة إلى دقوقا حيث سير الخليفة الناصر إليهم جيشاً قوامه ثمانمائة فارس [2]، بقيادة مملوكه قشتمر، وأسند الخليفة إلى الأمير مظفر الدين كوكبري قيادة القوات الإسلامية ووعده بمده بالعسكر غير أن حكام المسلمين عجزوا عن إعداد القوة اللازمة لمواجهة المغول، ولم يكد يصل إلى المغول نبأ تجمع القوى الإسلامية للقائهم حتى رجعوا القهقرى وهم يحسبون أن عسكر المسلمين يتبعهم، ورحلوا إلى العراق العجمي، أما العسكر الإسلامي فأقام عند دقوقاً فترة تبين له أثناءها أن العدو قد انصرف عنهم، كما أن المدد الموعود به لم يصل إليهم، لذلك تفرقوا، وعاد الجميع إلى بلادهم سنة 618هـ/1221م [3]، وقضى المغول الفترة التالية متنقلين بين المدن الإسلامية المختلفة في العراق العجمي وأذربيجان وأران وجورجيا مدمرين مخربين ما بقي من مدنها، حاملين ما يستطيعون حمله من خيراتها، ثم عبر القائدان المغوليان المنطقة الواقعة بين بحر قزوين والبحر الأسود إلى بلاد القفجاق وروسيا، وسار المغول بقيادة هذين القائدين إلى بلغاريا وأوصلوا الرعب إلى أقصى حدود أوروبا [4].
3 ـ استيلاء المغول على خوارزم: كان إقليم خوارزم من الأقاليم التي تسيطر عليها تركان خاتون أم السلطان علاء الدين خوارزمشاه فقد كان نفوذها في هذا الإقليم يفوق نفوذ السلطان نفسه، وذلك بفضل أتباعها المخلصين من قبيلة كانكالي التي تسكن السهول الواقعة شمال خوارزم وشمال شرقي بحر قزوين، وبرغم هذا الشقاق الذي قام بين علاء الدين وأمه، فإنه لما رأى الخطر ماثلاً أمام عينيه، أرسل إليها في خوارزم يطلب منها أن تتقهقر هي وحاشتها إلى إقليم مازندران، جنوب بحر قزوين، حرصاً على حياتها، كما نرى جنكيز خان يرسل إليها عندما سمع بذلك الشقاق الذي قام بين علاء الدين وأمه، يستميلها إلى جانبه، ووعدها بأن يترك لها ما بيدها من أملاك بعد أن يتم فتوحاته، على أن السلطانة لم تهتم بما جاء في هذه الرسالة [5]، ولما علمت تركان خاتون بتقهقر السلطان علاء الدين محمد، عزمت في أواخر سنة 616هـ/1219م على مغادرة إقليم خوارزم مع وصيفاتها، ومع أبناء علاء الدين، وحملت معها كل ما يمكن حمله من كنوز، وقبل أن ترحل ارتكبت [1] مرآة الجنان (4/ 38، 48)، عودة الروح صـ210 .. [2] الدولة الخوارزمية صـ135 ـ 136. [3] عودة الروح صـ210. [4] الدولة الخوارزمية والمغول صـ158. [5] الدولة الخوارزمية والمغول صـ161.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 125