اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 121
الرئيس، الأمر الذي جعل الأمير الخوارزمي يفكر في الالتجاء إلى خليفة بغداد رغم ما بينهما من عداء، فسار حتى نزل ((بمرج دولة آباد)) من أعمال همذان، ووصل معه من جيشه زهاء عشرين ألف فارس، فواجه زحف القوات المغولية [1]، مما اضطره إلى الاتجاه إلى إقليم مازندرات جنوبي بحر قزوين، ووصل إلى مرسى يعرف ((باب سكون))، يقول النسوي: وظل في إحدى قرى هذا الميناء يصلي بالناس في المسجد وينذر لله لئن كتبت له السلامة وأعيد له ملكه ليقيمن العدل، إلى أن انكشف أمره، وهاجم التتار موضعه، وعندئذ ركب البحر إلى قلعة أمينة في إحدى جرز بحر الخزر [2]، تدعى جزيرة ((أوغر تشالي))، أو جيركن الحالية، على خلاف في ذلك [3]، وقد رمى المغول زورقه بالسهام، فلمأ أخطأته تحمس بعضهم فسبح خلفه حرصاً على أخذه فغرقوا، ووصل خوارزمشاه لمأمنه عليلاً، وما لبث أن فارق الحياة في تلك الجزيرة في الثاني والعشرين من ذي الحجة سنة 617هـ/1220م [4].
وقد وصف النسوي حالة علاء الدين في أيامه الأخيرة فقال: حدثني غير واحد ممن كانوا مع السلطان في المركب، قالوا: كنا نسوق المركب وبالسلطان من علة ذات الجنب ما أيسه من الحياة، وهو يظهر الاكتئاب ضجيراً ويقول: لم يبق لنا مما ملكناه من الأرض قدر ذراعين نحفر فنقبر، فما الدنيالساكنها بدار لا ركون إليها إلا سوى انخداع واغترار، ما هي إلا رباط يدخل من باب ويخرج من باب، فاعتبروا يا أولى الألباب، وقد وصل علاء الدين أخيراً إلى إحدى الجزر الصغيرة طلباً للأمان، وأقام في إحدى الخيام، على أن الأهالي الذين يقيمون على شاطئ مازندران كانوا يأتونه بما يلزمه من مأكل وما يحتاجه من ضرورات الحياة، وفي نظير ذلك كان السلطان يوصي بإقطاعهم الإقطاعات، ولما إستعاد جلال الدين منكبرتي أملاك أبيه بعد بضعة سنين أقر هذه الإقطاعات لأصحابها، ونلاحظ أن كل من كان معه علامة من علاء الدين كان جلال الدين منكبرتي يقطعه إقطاعاً، ولما أحس علاء الدين أن المرض يشتد عليه يوماً بعد يوم وأن أمه تركان خاتون قد وقعت أسيرة في أيدي المغول، استدعى أبناءه جلال الدين منكبرتي وأزلاغ شاه، وآق شاه، ووكل أمور دولته إلى ابنه جلال الدين، بعد أن أعلن أنه الوحيد الذي يستطيع حماية الدولة الخوارزمية [5]، ومما قاله لأبنائه، [1] الكامل (9/ 333 ـ 334)، عودة الروح صـ205. [2] سيرة السلطان صـ106. [3] تاريخ بخارى صـ177، عودة الروح صـ205. [4] سيرة السلطان صـ107، 108. [5] الدولة الخوارزمية والمغول صـ151.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 121