اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 120
وسمرقند في الجنوب، فبناكت وخنجد في الوسط [1]. وهكذا بانهيار جميع بلاد ما وراء النهر انهارت خطوط الدفاع التي اعتمد الجيش الإسلامي عليها، وتيسر للمغول بعد ذلك الاستيلاء على أقاليم شرق الدولة الإسلامية الباقية من غير عناء [2].
2 ـ اجتياح الأقاليم الغربية من الدولة الخوارزمية ووفاة محمد خوارزمشاه:
يبدو أن الضربات التي أنزلها المغول ببعض أجزاء الدولة الخوارزمية، وانتهت بسقوط حصون ومدن أترار وبجند وبنكت وخجندة وبخارى، وغيرها، كان لها تأثير بالغ في نفس علاء الدين محمد خوارزمشاه فعوَّل بعد وصوله إلى سمرقند من بخارى على الرحيل إلى مكان أمين يجير فيه أمره أو يبحث عن إمكانية التصدي لهذا العدو الغاشم، لذا عقد في سمرقند مجلساً ضم وزراءه وكبار قواده للبحث فيما يمكن عمله لمقاومة المغول، وظهر في هذا الاجتماع اتجاهان: أولهما يرى عدم جدوى الدفاع عن بلاد ما وراء النهر، وأن يركز الخوارزميون اهتمامهم على حماية الأقاليم التي تقم غربي جيحون، وثانيها يفضل الإنسحاب جنوباً إلى غزنة [3]، وقد استصوب خوارزمشاه الرأي الأخير، وتوجه نحو غزنة، وبينما هو سائر إليها قدم عليه وهو بمدينة بلخ وزير ابنه ركن الدين قد وجهه إلى أبيه لينتفع بخبرته في ظاهر الأمر وللتخلص من حكمه واستبداده في الحقيقة، فلما اكتشف الوزير ما يراد به احتال ليرجع إلى العراق العجمي موطنه الأصلي، لذا استغل ثقة علاء الدين محمد خوارزمشاه فيه، وعرض عليه المسير إلى العراق العجمي حيث يجد فيه المال والرجال والدرع الواقي من المغول، فقبل الأمير الخوارزمي مشورته وسار إلى نيسابور إحدى مدن خراسان، غيرأنه لم يقم بها إلا فترة قصيرة، إذ بلغه أن المغول قد عبروا نهر جيحون، وأصبحوا على مقربة منه، وأنهم يجدون في البحث عنه، فلم يكن في وسعه حينئذ إلا أن يغادر نيسابور ويأخذ طريقه شطر العراق العجمي [4].
وكانت قوات المغول تتعقب علاء الدين محمد خوارزمشاه الذي فر هارباً من سمرقند إلى خراسان، فلما وصلت هذه القوات إلى نيسابور وجدوه قد غادرها فأخذوا يتبعون أثره، واستطاع المغول على مقربة من الري أن يوقعوا بجيش خوارزمشاه [1] سقوط الدولة العباسية صـ123. [2] عودة الروح للخلافة صـ 203. [3] عودة الروح صـ204. [4] الكامل (9/ 333).
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 120