اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 111
الهجوم، ونرى أن ما فعله خوارزمشاه كان وحده كافياً لقيام جنكيز خان بذلك الغزو المدمر لشرق بلاد الإسلام [1].
رابعاً: غزو المغول بلاد ما وراء النهر والعراق العجمي:
1 ـ بلاد ما وراء النهر: كان علاء الدين محمد خوارزمشاه قد بعث ـ على إثر مقتل تجار المغول وهو مقيم بمدينة بخارى ـ بعض جواسيسه إلى بلاط جنكيز خان، للوقوف على مدى استعداد المغول للحرب، فقضوا مدة طويلة، استطاعوا خلالها أن يؤدوا المهمة التي عهد إليهم بها، وقالوا بعد عودتهم: ان عدد المغول لا يبلغه الحصر، وأنهم من أصبر الناس على القتال، وأعرفهم بفنونه ولهم مصانع للسلاح، تكفي حاجتهم منه، ومواد تموينهم وافرة، وأوضح أولئك الجواسيس أن حقائق الأمور هناك تشير إلى أنه لا قبل لأحد بمقاتلة المغول [2]. ودرس علاء الدين محمد خوارزمشاه بإمعان هذه المعلومات، فأدرك فداحة ما وقع فيه من خطأ بقتله تجار المغول ورسلهم، وندم على ذلك، ولكن ليست ساعة مندم، ثم أخذ يعمل فكره ويدبر أمره [3]، واستشار رجلاً يثق به ويدعي الشهاب الخيوفي الفقيه، فلما مثل بين يديه قال له: قد حدث أمر عظيم لابد من الفكر فيه، وإجالة الرأى فيما نفعل وذلك أنه قد تحرك إلينا خصم من الترك في عدد لا يحصى [4]. فأشار عليه الخيوفي بإعلان النفير العام، ودعوة من بقي من ملوك الأطراف ليلحقوا به في جيوشهم، فإذا اكتملت تعبئة الجيوش سار بها إلى جانب نهر سيحون حيث حدود دولته الشرقية مع المغول [5]، غير أن أمراء وأرباب المشورة في دولته رأوا عكس هذا الرأي، وأشاروا بأنه من الأصوب ترك المغول حتى يعبروا سيحون، ويتقدموا في الوهاد، والصحارى والمضايق والوديان التي يجهلون مسالكها، حتى إذا وصلوا بخارى كان التعب قد أخذ منهم كل مأخذ، وبذلك يمكن الظهور عليهم، وإفناؤهم عن بكرة أبيهم ([6])،
ولم يلبث خوارزمشاه أن عمل على تجهيز جيشه للقاء المغول [7]، وبينما كان خوارزمشاه يسير في اتجاه الشرق، مجداً في طلب المغول عقب استعداده على هذا النحو، كان جنكيز خان يعبيء جيشاً كبيراً، ويلقي في جنده عند بداية الزحف غرباً هذه الأوامر الصارمة: سيروا معي لنمحق بقواتنا الرجل الذي ازدرى بنا واحتقرنا، إنكم ستشاركونني في انتصاراتي، [1] عودة الروح للخلافة الإسلامية صـ191. [2] الكامل لابن الأثير (9 ـ 313)، عودة الروح صـ364. [3] الكامل لابن الأثير (12) 149 ـ 150) عودة الروح صـ364. [4] عودة الروح صـ193. [5] الكامل (9/ 331)، عودة الروح صـ193. [6] عودة الروح للخلافة الإسلامية صـ193 .. [7] الكامل في التاريخ (12/ 150)، عودة الروح للخلافة صـ193.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 111