responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني    الجزء : 1  صفحة : 36
فلما رأى ابن الأحمر أنه لا قبل له بمحاربة النصارى، ولا أمل له في نجدة المغرب أو تونس، آثر مصانعة ملك قشتالة فراندو وقدم له الطاعة مقابل أن يسمح له أن يحكم مملكته وأراضيه باسم ملك قشتالة، وأن يؤدي له جزية سنوية قدرها مائة وخمسون قطعة من الذهب، وأن يكون حليفه في كل حروبه مع أعدائه، مسلمين وغير مسلمين، وأن يشهد اجتماع مجلس قشتالة النيابي (الكورتس) باعتباره تابعًا من أتباع العرش القشتالي. وسلم ابن الأحمر لقشتالة جيان وأرجونة وبلكونة وبيغ والحجار وقلعة جابر ومناطق شاسعة أخرى. وهكذا عقد طاغية قشتالة الصلح مع ابن الأحمر سنة 643 هـ (1245 م) وأقره على ما بقي بيده من حصون على الوجه المذكور.
وترك ابن الأحمر ما تبقى من أرض الأندلس إلى مصيره المحتوم، بل ساعد قشتالة على الاستيلاء عليه، حسب الاتفاق. ففي سنة 645 هـ (1247 م) استسلم غرب الأندلس إلى قشتالة بما في ذلك مدن طبيرة وشلب (اليوم بالبرتغال) وغيرهما. ثم احتل فراندو مدينة قرمونة مستعدًا بذلك الاستيلاء على إشبيلية بمعاونة ابن الأحمر. وكان يقوم ابن الأحمر بموقف الناصح للمسلمين في تلك المدن والقرى والحصون بالاستسلام للنصارى مقابل حقن دماء المسلمين.
وحاصر فراندو مدينة إشبيلية بداية من أغسطس سنة 1247 م (جمادى الأولى سنة 645 هـ) بقوات عظيمة اشترك فيها معظم أمراء النصرانية في إسبانيا وأوروبا في حرب صليبية لا مثيل لها. وأرسل أسطولاً بحريًّا داخل الوادي الكبير. وساند ابن الأحمر طاغية قشتالة في هذا الحصار حسب اتفاقهما بإرسال قوة من الفرسان له. وصمم أهل إشبيلية على الدفاع في بسالة مستميتة. وطال حصار إشبيلية ما يقرب من الثمانية أشهر اضطرت بعدها إلى الاستسلام في أوائل رمضان سنة 646 هـ (23/ 12/ 1248 م)، فحول النصارى مسجدها الأعظم فورًا إلى كنيسة كالعادة. ونقل فراندو عاصمة مملكته من طليطلة إلى إشبيلية.
وهكذا أخذت مدن غرب الأندلس تسقط الواحدة تلو الأخرى بعد سقوط إشبيلية. فاستولى النصارى على شريش وشذونة وقادس وشلوقة وغليانة وغيرها من القواعد والمدن والحصون. وقد أعان ابن الأحمر النصارى على الاستيلاء على كثير من هذه الحصون بما فيها قادس. وهكذا ظهر ابن الأحمر في شكل شاذ مؤلم مذل كحليف للنصارى في احتلال مدن الإسلام وتخريب حصونه، وكمشجب لكل مقاومة

اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست