اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 35
ولم يتوقف الزحف النصراني على الأراضي الأندلسية، بل سقطت بلنسية في يد الأراغونيين سنة 636 هـ (1238 م) وتبعتها شاطبة ودانية ولقنت وأريولة وقرطاجنة بين سنتي 641 و 644 هـ (1243 - 1246 م). ثم استسلم أهل مرسية صلحًا لملك قشتالة سنة 640 هـ (1243 م). وهكذا ضاع شرق الأندلس بأكمله من يد المسلمين، وأصبحت بوادر فناء الأندلس ظاهرة. واستنجد الأندلسيون من جديد بالمغاربة، لكن لم يكن المغرب في وضع يمكنه من مساعدة الأندلس، إذ كان فريسة حروب أهلية طاحنة شغلته عن نجدة الإسلام بالأندلس كعادته - فاستنجد المسلمون بالدولة الحفصية بتونس وكانت أضعف من أن تنجد. وقد ترك لنا التراث الأندلسي قصيدة ابن الأبار القضاعي سفير أبي جميل زيان حاكم بلنسية الذي أرسله إلى السلطان أبي زكريا الحفصي قبيل سقوط بلنسية يستصرخه قائلاً:
أدرك بخيلك خيل الله أندلسًا ... إن السبيل إلى منجاتها درسا
وهب لها من عز النصر ما التمست ... فلم يزل عز النصر منك ملتمسا
وحاشَ مما تعانيه حشاشتها ... فطالما ذاقت البلوى صباح مسا
يا للجزيرة أضحى أهلها جزرا ... للحادثات وأمسى جدها تعسا
في كل شارقة المام بائقة ... يعود مأتمها عند العدا عرسا
وكل غاربة أجحاف نائبة ... تثني الآمان حذارا والسرور أسى
تقاسم الروم لا نالت مقاسمهم ... إلا عقائلها المحجوبة الأنسا
وفي بلنسية منها وقرطبة ... ما ينسف النفس أو ما ينزف النفسا
مدائن حلّها الإشراك مبتسمًا ... جذلان وارتحل الإيمان مبتئسا
وصيّرتها العوادي العابثات بها ... يستوحش الطرف منها ضعف ما أنسا الخ ...
وسرعان ما ضم ابن الأحمر المرية إلى مملكته غرناطة، ثم انتقل إلى محاربة النصارى بمنطقة جيان فحاصر قلعة مرتش سنة 636 هـ (1239 م) فلم يستطع أخذها. فاشتبك في معركة حامية مع النصارى استولوا أثرها على حصن آرجونة، مقر أجداد بني الأحمر. ثم حاصر النصارى غرناطة نفسها سنة 643 هـ (1244 م) فردوا عن أسوارها بخسائر فاحشة.
اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 35