اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 34
بسطة وجيان ووادي آش ... وتمخضت هذه الأحداث، كما سنرى فيما بعد، على مولد مملكة غرناطة الأندلسية.
1/ 2 - قيام مملكة غرناطة:
بعد انهيار الدولة الموحدية بالأندلس عمل كل من ابن هود وابن الأحمر على توحيد الأراضي الأندلسية لمقاومة الغزو الصليبي. وكان ابن هود، وهو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن هود الجذامي، من أصل سرقسطي. بدأ حركته من مرسية سنة 625 هـ (1228 م). فأطاعته مرسية وقرطبة وإشبيلية ومالقة والمرية وغيرها من البلاد. لكن ربما لم يكن ابن هود على مستوى الآمال المعقودة عليه فهزم في معارك مع النصارى الواحدة تلو الأخرى، ولم يستطع نجدة قرطبة، عاصمة الخلافة، وتركها تسقط في يد النصارى في 23 شوّال سنة 633 هـ (29/ 6/1236 م) ورفع الصليب فورًا على مئذنة مسجدها الأعظم. وكان سقوط قرطبة ضربة قاهرة للمسلمين فتت من عزيمتهم، ولم يعش ابن هود بعدها طويلاً، إذ توفي في ثغر المرية سنة 635 هـ (1237 م) في ظروف غامضة بعد أن احتلت أراغون الجزر الشرقية من يد المسلمين.
أما ابن الأحمر، منافس ابن هود، فهو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن نصر، من مدينة أرجونة، وهي حصن من حصون المسلمين تقع بين جيان وأندوجر، وهي اليوم بولاية جيان، ولد بها سنة 595 هـ (1198 م) وكان جنديًّا وافر الشجاعة والعزم. فظهرت حركته في نفس الفترة التي ظهر فيها ابن هود، وكان منافسًا له. غير أن ابن الأحمر كان سياسيًّا ماهرًا شجاعًا. فأطاعته جيان ووادي آش وما حولهما فور ظهوره. فاتجه محاولاً ضم الثغور والقواعد الأندلسية الجنوبية. فنادت قرمونة وقرطبة وإشبيلية بطاعته أواسط سنة 629 هـ (1232 م) لمدة قصيرة، ثم انتقلت قرطبة وإشبيلية إلى طاعة ابن هود. ثم أطاعته شريش ومالقة والمناطق المجاورة لهما سنة 630 هـ (1233 م).
ولما توحّد الأندلسيون حول ابن هود أظهر ابن الأحمر الانحياز إليه سنة 631 هـ (1234 م) وطاعته. وبعد وفاة ابن هود قام ابن الأحمر لتوحيد الأندلس بمفرده فانضمت إليه غرناطة في رمضان سنة 635 هـ (أبريل سنة 1238 م) فاتخذها حاضرته ومركز حكمه. ثم افتتح ابن الأحمر مدينة المرية وطرد منها حاكمها ابن الرميمي.
وهكذا نشأت مملكة غرناطة في ظروف مأساوية غامضة، وكل من حولها من صديق وعدو يتوقع لها الانهيار السريع.
اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 34