اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 185
الأولين [1]، وثبت على عقيدته عندما ارتد أكثر قومه وأكثر العرب بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجاهد للدفاع عنها ونشرها حق الجهاد، وأبلى في ذلك أعظم البلاء. قال الحسن البصري عنه: ما رأيت شريف قوم أفضل منه [2]. قال الأحنف: حبسني عمر بن الخطاب عنده بالمدينة سنة، يأتيني كل يوم وليلة فلا يأتيه عني إلا ما يحب [3]. فكتب عمر بعد نجاح الأحنف في الاختبار العمري -وما أصعبه وأدقه من اختبار- معه كتبًا إلى الأمير على البصرة يقول: الأحنف سيد أهل البصرة [4]. وكتب إلى موسى الأشعري أن يشاور الأحنف ويسمع منه، [5] وقال له عمر بعد أن حبسه حولا عنده: يا أحنف، قد بلوتك وخبرتك، فلم أر إلا خيرا، ورأيت علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك [6].
لقد كان الأحنف رجلا صالحا كثير الصلاة بالليل، وكان يسرج المصباح ويصلي ويبكي حتى الصباح، وكان يضع أصبعه في المصباح ويقول لنفسه: إذا لم تصبر على المصباح، فكيف تصبر على النار الكبرى [7]. وقيل له: إنك تكثر الصوم وإن ذلك يرق المعدة، فقال: إني أعده لسفر طويل [8]. واستعمل الأحنف على (خراسان) فلما أتى فارس أصابته جنابة في ليلة باردة، فلم يوقظ أحدا من غلمانه ولا جنده، وانطلق يطلب الماء، فأتى على شوط وشجر حتى سالت قدماه دمًا، فوجد الثلج فكسره واغتسل [9]. وكان قلما خلا إلا دعا بالمصحف، وكان النظر في المصاحف خلقا في الأولين [10]. وكان في دعائه: اللهم إن تغفر لي فأنت أهل ذاك، وإن تعذبني فأنا أهل ذاك [11]. ومن [1] قادة فتح السند وأفغانستان، ص314. [2] البداية والنهاية (7/ 331). [3] قادة فتح السند وأفغانستان، ص314. [4] قادة فتح السند وأفغانستان، ص314. [5] تهذيب ابن عساكر (7/ 12). [6] طبقات ابن سعد (7/ 94). [7] البداية والنهاية (7/ 331). [8] طبقات ابن سعد (7/ 94)، قادة فتح السند وأفغانستان، ص315. [9] طبقات ابن سعد (7/ 94). [10] طبقات ابن سعد، (7/ 95). [11] قادة فتح السند وأفغانستان، ص315، ترجمة الأحنف لخصتها من هذا الكتاب القيم مع الرجوع لبعض المصادر.
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 185