اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 186
دعائه: اللهم هب لي يقينا تهون به علىَّ مصيبات الدنيا [1]. ومرت به جنازة فقال: رحم الله من أجهد نفسه لمثل هذا اليوم [2]. وكان يقول: عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين كيف يتكبر [3].
هذه بعض صفات شخصية الأحنف، استحوذ بها على ثقة الناس به وحبهم وتقديرهم له، وهذه الصفات تجعل من يتحلى بها شخصية قوية نافذة يندر وجودها بين الناس في كل زمان ومكان، وقلما يجود بها الدهر إلا نادرا [4].
لقد كان الأحنف من قادة الفتوحات في عهد عثمان - رضي الله عنه -، وقد تميز في قيادته لجيوش الفتح لبلاد المشرق بقدرته على إعداد الخطط الصحيحة الناجحة، وإعطاء القرارات السريعة الصائبة، كما كان لشجاعته الشخصية وإقدامه أثر كبير في وضع تلك الخطط والقرارات في حيز التنفيذ، لقد كان يبذل قصارى جهده في إعداد خططه العسكرية وإعطاء ذوي الرأي، بل يتجول سرًّا في الليل بين عامة رجاله يتسمع أحاديثهم، فإذا وجد رأيا سديدا يبدونه فيما بينهم سارع إلى العمل به، لا يهمه أن يأخذ الحكمة من أي وعاء، وقد كان هذا القائد الميداني في عهد عثمان يقاتل عدوه بسيفه وعقله معًا؛ فقد كان على جانب عظيم من الشجاعة والإقدام، حتى إنه كان يستأثر بالخطر دون رجاله، ويؤثرهم بالراحة والأمن، كما كان على جانب عظيم من الدهاء، فيوفر بدهائه على قواته كثيرًا من الجهود والمشقات [5].
لقد كان الأحنف رجلا في أمة, وأمة في رجل، إنه سيد أهل المشرق المسمى بغير اسمه، كما كان يقول عنه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - [6].
لقد أطنبت في الحديث عن الأحنف لأنه من ضمن قادة الفتوح في عهد عثمان، وممن أسهم في صناعة الحياة في عصر الخليفة الراشد الثالث الذي وجهت إليه سهامهم الكاذبة في ولاته وقادة حربه. [1] تهذيب ابن عساكر (7/ 16). [2] تهذيب ابن عساكر (7/ 16). [3] البداية والنهاية (7/ 331). [4] قادة فتح السند وأفغانستان، ص316. [5] المصدر نفسه، ص320. [6] المصدر نفسه، ص322.
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 186