اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 93
ذلك للقائه، فاغتاظ منه تُتُش وعاتبه على ذلك، فاعتذر بأمور لم يقبلها [1]، ويبدو أن تُتُش خشي من طموحات أتسز، ولم يطمئن إلى وجوده إلى جانبه، فاتخذ من ذلك حجة وتخلص منه، كما قتل أخاه جاولي وتسلم دمشق دون قتال، وأسس لنفسه ولأسرته حكماً فيها [2]، وبذلك أضحى تتش يسيطر على الأقاليم الوسطى من بلاد الشام، وجهد بعد ذلك للعمل على بسط سلطاته على كامل بلاد الشام وبخاصة المدن الساحلية التي كانت تدين بالطاعة للدولة الفاطمية أو تُحكم من قبلها مباشرةً وإنشاء دولة أخرى للسلاجقة في هذه البلاد يتولى حكمها بمعزل عن السلاجقة العظام في خراسان وفارس [3].
2 - زوال الإمارة المرداسية وقيام الإمارة العقيلية في حلب: ضاق الأمر كثيراً بأهل حلب تحت حكم سابق بن محمود المرداسي، فراسلوا مسلم بن قريش ليخلصهم مما هم فيه، فسار إليهم سنة 472هـ، فأغلق سابق أبواب حلب في وجهه ومعه بداخل حلب الشريف أبو علي الحسين بن هبة الله الهاشمي العباسي المعروف بالحتيتي [4] فخرج ابن له من داخل حلب إلى الصيد فقبض ابن قريش عليه وجعله رهينة بيده كي تستسلم له المدينة، فاستسلمت له فعلاً ودخلها هي والقلعة بسلام [5]، ويقول ابن الجوزي: إن سابق ابن محمود هو الذي أوحى لمسلم بن قريش بالقدوم إليه لتسليمه المدينة, ومما قاله له: أنت أولى بي من الغير والعربية تجمعنا, فإن كنت مأكولاً فكن أنت آكلي .. وسار مسلم بن قريش إلى حلب فوصلها ثاني عشر من ذي الحجة ومعه بنو كلاب وكلب ونمير وجميع القبائل وقد أطاعوه خوفاً من الغز وأنفق عليهم الأموال فكسر الأحداث [6] الأبواب يوم الجمعة لعشر بقين من ذي الحجة ودخل أصحابه إليها ولم يتأذ أحد من أهلها، ولا أغلق فيها دكان وراسل سابق بن محمود وهو في القلعة مراسلة انتهت إلى أن يزوجه سابق بابنته ويعوضه مالاً على أن يسلم القلعة فرضي وحط سابق رحله وماله في البلد ولم يبق إلا أن ينزل فوثب أخواه شبيب ووثاب فقبضا عليه واستوليا على القلعة، فجمع مسلم مقدمي بني كلاب وقال: علمتم أني أنفقت أموالاً وبعدت عن بلادي في حراسة بلادكم وأموالكم وكفّ عادية الغز عنكم، وهذه مقابلة ما أعرفها فإن كنتم رجعتم فهأنذا راجع بلادي ومبرئ منكم فأنكروا ما جرى وشرطوا السعي فيه وإزالة ما تجدد منه، فدخل حلب واستقامت له [7].والذي [1] الكامل في التاريخ (6/ 471). [2] تاريخ السلاجقة في بلاد الشام، ص 129. [3] تاريخ السلاجقة في بلاد الشام، ص 130. [4] زبدة الحلب (2/ 67، 68). [5] المتنظم (8/ 323). [6] منتظمة الأحداث تتولى المحافظة على مصالح السكان في المدينة وعلى النظام العام وحماية الأسوار والأبواب ومساعدة الجيوش النظامية. [7] مرآة الزمان، سبط ابن الجوزي 202،203.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 93