responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 525
إن سنن الله تعالى تقتص من المستضعفين المفرطين، كما تقتص من المجرمين المعتدين، إن عوامل الهدم وإبر التنويم تعمل في هذه الأمة المثخنة من الداخل والخارج حتى يتم الإجهاز الكامل عليها، وقد استطاع الاستعمار الثقافي والفكر الباطني خلق جيل مهزوز الإيمان والفقه، ضعيف الثقة بربه، ومنهجه ودينه, وأمته ونفسه، فهو يعطي الدنية في دينه غير مبال بعواقب الأمور، إننا بحاجة إلى يقظة عامة تتناول أوضاعنا كلها حتى نحسن الدفاع عن وجودنا ورسالتنا في عالم لا تسمع فيه إلا أصوات الجبارين من أصحاب المشاريع الشيطانية, ومن ثم نتمكن من الهجوم على أعدائنا في الداخل والخارج في عقائدهم، وأفكارهم وثقافتهم وهويتهم.

الثاني عشر: استراتيجية الحملة الصليبية بعد الاحتلال:
يهمنا هنا أن نشير إلى أن القوى الفرنجية المحتلة والتي قُدر وخُطط لها أن تعيش في بيئة غريبة كان لابد لها من اتباع مجموعة من الاستراتيجيات القابلة للتطوير تهدف في مجملها إلى الإبقاء على صبغة الاحتلال لأمد طويل, ومن هذه الاستراتيجيات:
- المحافظة بقدر الإمكان وبمختلف الوسائل على أهم سبب من أسباب نجاحها ألا وهو العمل على إبقاء المحيط الإسلامي مشتتاً بقدر الإمكان، لأن ذلك يلغي إمكانية مواجهتها بقوة واحدة مقتدرة، وفي سبيل ذلك عملت بدءاً وباستمرار على احتلال مناطق ذات أهمية استراتيجية تخدم غرض عزل مناطق القوة الإسلامية عن إمكانية التلاقي والتوحد، وكان سبيلها في ذلك احتلال الرها لتمنع أو تعيق الاتصال بين العراق وبلاد الشام، كما هو الحال لاحقاً بالسيطرة على مناطق جنوبي بلاد الشام -الكرك والشوبك- بهدف إعاقة أو تعطيل الاتصال ما بين مصر وبلاد الشام، هذا على صعيد الجغرافيا الطبيعية. أما على صعيد الجغرافيا البشرية، فقد حرصت القوى الصليبية على إدامة الصراع العرقي والمذهبي بين أطراف المحيط الإسلامي, وقد اتبعت في ذلك وسائل ترغيب وترهيب، وسياسة تحالف مع قوى ضد أخرى، وقد ساعدها في ذلك إلى حدود معينة العداء ما بين طرفي الصراع الإسلامي الشيعة والسنة، كما ساعدها وجود أقلية مسيحية أمكن لها استغلال بعض قواها للتحالف معها، والتآمر على محيطها العربي.
- ركزت القوى الصليبية في احتلالها على مناطق تؤمن لها الاتصال بمركز انطلاقها في الغرب الأوربي، ولذلك ركزت على احتلال سواحل بلاد الشام ضماناً لذلك، وابتعدت قدر الإمكان عن السيطرة على المناطق الداخلية خشية فقدانها لهذه الميزة، وحتى لا تكون محصورة بين قوى إسلامية على افتراض الخوف من توحيد هذه القوى

اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 525
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست