responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 520
الذين يخبطون في السنة الشريفة خبط عشواء, ولفقهاء الفروع الذين خدعوا العوام بسلعهم وأوهموهم أنهم يشرحون لباب الدين وشعب الإيمان الكبرى، وهم في الحقيقة يذكرون تفاصيل ثانوية يكثر فيها الأخذ والرد ولا تمس جوهر العقيدة أو الشريعة. إن الأحاديث الشريفة - بعد تمحيص سندها - تحتاج إلى الفقيه الذي يضعها موضعها في الإطار العام للإسلام الحنيف [1].
- معارك في فقه الفروع: أما فقهاء الفروع فقد زادوا الطين بلَّة وزحموا أوقات الناس بصور من الأحكام تكتنفها التهاويل المزعجة، مع أنها لا تستحق هذا الجهد ولا هذا الوقت, ثم أعلنوا حرباً غير شريفة على من يخالفهم في تلك الأحكام الجزئية. روى ابن الجوزي عن الشيخ ابن عقيل، قال: رأيت الناس لا يعصمهم من الظلم إلا العجز!! لا أقول: العوام، بل العلماء. كانت أيدي بعض الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يوسف - الحاكم السابق - فكانوا يتسلطون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع - التي يخالفونهم فيها - حتى لا يمكنَّوهم من الجهر بالقنوت، وهي مسألة اجتهادية - يعنى لا حرج في الاختلاف فيها - فلما جاءت أيام النظام ومات ابن يوسف، وزالت شوكة الحنابلة استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظَّلمة فاستعدوا عليهم وآذوا عامتهم بالسعايات، والفقهاء بالنبذ والاتهام بالتجسيم. قال ابن عقيل: فتدبرت أمر الفريقين فإذا هم لم تعمل فيهم آداب العلم، وهل هذه إلا أفعال العسكر؟ يصولون في دولتهم ويلزمون المساجد في بطالتهم [2].
وذكر ابن الجوزي عن أبي نصر القشيري - الواعظ بالنظامية - أنه كان يذم الحنابلة وينسبهم إلى التجسيم، فرموه بالحجارة حتى وصلت إلى حاجب الباب، وتقاتل القوم مرة بسببه حتى وقع بينهم قتلى وجرحى وحرق ونهب إلى أن أرسل الخليفة من أخمد الفتنة. يحدث هذا التمزق في الأمة الإسلامية والعالم الصليبي يحترق شوقاً إلى ضرب الإسلام في عقر داره ومحو أعيانه وآثاره. وعلامَ الخلف والتظالم؟ على قضايا تركها كفعلها، أو فعلها كتركها لا يخدش إيمانا ولا يجرح المروءة وهل في قنوت الفجر إن فعلناه أو تركناه ما يضير؟
إن العُرْي عن الأخلاق، وإبطان الكره للآخرين، والعجب بالنفس هو الجريمة التي ارتكبها نفر من فقهاء الفروع، غرّتهم بضاعتهم فقدموها للناس مقرونة بالغلو، ولم يبالوا بما تتركه من فرقة، وفساد المتدينين من أهل الكتاب صدر عن هذا المنبع, زوّقوا الشعارات وخرّبوا القلوب فقال الله فيهم: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [البقرة: 213]. وكانت عقبى الشقاق وعوج الصفوف واضطراب الحكم وحب الرياسة

[1] هموم داعية، ص 44.
[2] المصدر نفسه، ص 45.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 520
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست