responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 519
وذهبه وبديه أن يستخفي في هذا الجو ذوو المروءة والشرف والعفاف والتقى، فماذا يصنعون؟ وبأيَّ سلاح يقاتلون؟ لنطوِ هذا التعليق السريع، ولنعد أدراجنا إلى بلاد الشام قبيل الحملة الصليبية الأولى، عندما كان أولاد العباس، والدولة الفاطمية العبيدية، وأولاد أمية في الأندلس يتنافسون على مقاليد الحكم في العالم الإسلامي. وفي مقدمة جيدة كتبها الشيخ علي محمد يوسف، المدرس بكلية الشريعة بجامعة قطر، عن ابن الجوزي جاءت هذه العبارات في وصف المسلمين قبيل الهجوم الصليبي: بينما هم في غمرة انقسامهم على أنفسهم إذ برز عدو يرفع شعار الصليب يريد القضاء عليهم واقتلاع الإسلام من جذوره.
وقد قدمت أُولى الحملات الصليبية سنة 492هـ وقال عنها ابن الجوزي: وردت الأخبار بأنَّ الإفرنج ملكوا أنطاكية ثم جاءوا معرة النعمان فحاصروها، وقتلوا ونهبوا وقيل: إنهم قتلوا ببيت المقدس سبعين ألف نفس وكانوا قد خرجوا في ألف ألف [1]. ونقف عند عبارة ابن الجوزي، قيل: إنهم قتلوا سبعين ألفاً!! الأمر عنده، وعند سكّان بغداد، وفي مركز الخلافة الإسلامية لا يعدو أن يكون إشاعة، إنَّ دار الخلافة آخر من يعلم، وأنّى لها العلم ورجال الدولة في شغل بصيد المتع ونشدان الملذات والتقاتل على السلطة .. كان الحكم مغنماً يستحق المخاطرة. أبلغ أُولئك الخلفاء والسلاطين أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - آثر صرف الخلافة عن ابنه ضناً عليه بمتاعبها ومغارمها قائلاً: بحسب آل الخطاب أن يحاسب واحد منهم عن المسلمين، كانت الخلافة أيام الرجل الكبير عبئاً ومغرماً، ثم جاءت أيام الملك العضوض فأصبحت بقرة حلوباً, فلما هجم الصليبيون على فلسطين كان التقطع في كيان الأمَّة الكبيرة قد بلغ مداه، ولولا أن مذبحة بيت المقدس طمَّت وعمّت واستحال حصر أبنائها لبقي النائمون نياماً, ولم تلبث دولة الخلافة غير قليل حتى دفعت ثمن بلادتها فاجتاحها التتار، وجعلوها خبراً كان، ولم تغن عنها الألقاب الخادعة من مسترشد بالله، ومقتف لأمر الله، ومستنجد بالله، وناصر لدين الله ... إلخ. إن الظن لا يغني من الحق شيئاً فكيف بالكذب الصراح؟ والمسلمون إذا لم يصدقوا الله فلا يلومون إلا أنفسهم [2].
- أثر الاستبداد على الدين والحياة: قد يقال: أين جهاد العلماء في مقاومة هذه الفوضى؟ والجواب يقتضينا شيئاً من التفصيل، فإنَّ أصحاب العقول الكبيرة والهمم البعيدة حاربهم الاستبداد السياسي وفضَّ مجامعهم، فضاقت الدائرة التي يعملون فيها، وتضاءل الأثر الذي يُرتقب منهم, والمرء لا يسعه إلاَّ الحزن لمصاير قادة الفكر الديني الذين قتلوا أو أهينوا وحيل بينهم وبين نفع الجماهير، مع غياب هؤلاء انفسح المجال لعارضي الأحاديث

[1] هموم داعية، ص 42.
[2] المصدر نفسه، ص 43.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 519
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست