اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 503
الرها في الجزيرة, وظل الوضع على هذا الحال حتى تأسست الدولة «الزنكية» بالموصل عام 521هـ/1127م على يد عماد الدين زنكي والد نور الدين محمود زنكي, عندها انتظم أمر الجهاد ضد الفرنجة [1] , واستمرت الحلقات المباركة في عهد نور الدين وصلاح الدين
ودولة المماليك.
ثالثاً: الدولة الفاطمية:
الفاطميون لا صلة لهم ببيت النبوة، والدولة الفاطمية هي دولة باطنية، وهذا رأي أكثر علماء الأمة الذين حققوا نسبهم وعلموا بواطنهم وأسرارهم. وقد سأل الشريف ابن طباطبا ملكهم المعز العبيدي الذي فتح مصر عن نسبه فسّل سيفه، وقال: هذا نسبي، ونثر الذهب، وقال: هذا حسبي [2]، فهم أولاد ميمون القداح بن ديصان اليهودي، قال أبو سامة عن عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية: كان زنديقاً خبيثاً عدواً للإسلام، متظاهراً بالتشيع، حريصاً على إزالة الملة الإسلامية، قتل من الفقهاء والمحدثين والصالحين جماعة كثيرة [3]. قال الذهبي: وقد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد، لما شهدوه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه، وقد رأيت في ذلك تواريخ عدة لصدق بعضها بعضاً، وخرج كثير من العلماء والعباد مع أبي يزيد الخارجي لقتال القائم بن عبيد الله وقالوا: نكون مع أهل القبلة ضد من ليس من أهل القبلة [4]، وخرب الفاطميون القيروان سنة 449هـ، وجلا علماؤها إلى الأقطار ومات منهم كثير [5]. وصلتهم بالقرامطة الملاحدة صلة أكيدة ودعوتهم دعوة واحدة [6]، يقول ابن خلكان: كان العاضد شديد التشيع متغالياً في سب الصحابة، وإذا رأى سنّياً استحل دمه [7]. قال الإمام الشاطبي: أما الدّجالون فمنهم معد من العبيدية الذين ملكوا إفريقية، فقد حكى عنه أنه جعل المؤذن يقول: أشهد أن معداً رسول الله، فهم المسلمون بقتله «أي المؤذن» ثم رفعوه إلى معد ليروا هل هذا عن أمره، فلما انتهى كلامه إليه قال: اردد عليهم أذانهم لعنهم الله ([8])،
وكل الإرهاب الذي زرعه الحشاشون في العالم الإسلامي، إنما هو ثمرة من ثمار الدعوة الإسماعيلية العبيدية في مصر، وحسن الصباح زعيم قلعة ألموت الذي أرسل رجاله يقتلون العلماء والأمراء المجاهدين, وقد تلقى الدعوة على أيدي أصحابها في مصر، والدروز في بلاد الشام من آثار دعوة الدولة العبيدية، [1] دور نور الدين محمود في نهضة الأمة، ص 34. [2] وفيات الأعيان (2/ 80). [3] الروضتين في أخبار الدولتين، ص 201. [4] السير (15/ 154). [5] الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي (2/ 165). [6] واقدساه (1/ 260). [7] وفيات الأعيان (3/ 110). [8] الاعتصام للشاطبي (21/ 97).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 503