اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 504
وهم يؤلهون الحاكم العبيدي، وعلاقتهم بإسرائيل علاقة جيدة [1]، وفي عهد المستعلي والآمر: تولى الوزارة الأفضل بن بدر الجمالي وفي عهده تولى يهودي شئون قصر أم الخليفة فاشتد نفوذه وأسند مناصب الدولة لليهود، والأفضل هذا كان في أيامه نكبة القدس [2] , فعندما وصلته أخبار الزحف الفرنجي من آسيا الصغرى باتجاه بلاد الشام وانشغال السلاجقة بمواجهتهم في منطقتي أنطاكية والجزيرة والرها, اعتبر الأفضل أن الفرصة سانحة لاستعادة المناطق الداخلية من بلاد الشام, فأرسل وفداً إلى قادة الحملة الفرنجية وهم يحاصرون أنطاكية ليتفق معهم على اقتسام بلاد الشام بحيث يكون شمالها للفرنجة وجنوبها للفاطميين، واستقبل قادة الحملة الفرنجية الوفد الفاطمي بالترحيب وأظهروا الرغبة في التعاون مع الفاطميين ولكنهم لم يفصحوا عن حقيقة نواياهم حول القدس ولم يحصل الوفد الفاطمي منهم على جواب [3] واضح إلا أن الأفضل بدأ بتنفيذ خطته التي كان محورها استعادة القدس ودمشق مستغلاً انشغال السلاجقة بالمواجهة مع الفرنجة, فسار بجيشه إلى فلسطين وحاصر القدس في الوقت الذي كان الفرنجة يحاصرون أنطاكية، وبعد قتال شديد على الأسوار وفي المدينة استولى الفاطميون على القدس في شعبان 491هـ/1098م, وأرسل الأفضل وفداً آخر إلى قادة الحملة الفرنجية بعد أن توغلوا جنوباً باتجاه القدس، يعرض عليهم ما سبق عرضه الوفد الأول بالإضافة إلى السماح لهم بالحج إلى القدس بكل حرية بشرط أن يكونوا بدون سلاح، ولكن الفرنجة كانوا في هذه المرة واضحين في ردهم. سندخل القدس بسلاحنا دون إذن من خليفة القاهرة [4]، وهذا ما تم.
ووصف الذهبي عموم جيوشهم بأنهم أهل شر وزعارة لاسيما من تزندق منهم, وقد ذاق المسلمون منهم من القتل والنهب والسبي حتى أن أهل صور استنجدوا بالنصارى الروم من ظلمهم وجورهم وأخذهم النساء من الحمامات والطرق [5]. وقد وصف ابن كثير ملوك الدولة العبيدية: بأنهم من أنجس الملوك سيرة، وأخبثهم سريرة، وقد ظهرت في دولتهم البدع والمنكرات, وكثر أهل الفساد، وقل عندهم الصالحون من العلماء، وكثر بأرض الشام الدرزية والحشيشية، وتغلّب الفرنج على الساحل [6]. فهؤلاء ما دافعوا عن القدس لما حاصرها الصليبيون مقاومة تذكر [7]. قال ابن خلكان معلقاً: ولو كانت في يد الأرتقية «أمراء الشام من الأتراك» لكان أصلح للمسلمين [8] , ولو لم يكن لهؤلاء الباطينة إلا قتلهم للصالحين [1] واقدساه (1/ 260). [2] المصدر نفسه (1/ 262). [3] المصدر نفسه (1/ 262). [4] المصدر نفسه ص 36. [5] سير أعلام النبلاء (16/ 468). [6] البداية والنهاية نقلاً عن واقدساه، ص 262. [7] واقدساه، ص 262. [8] وفيات الأعيان (1/ 179).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 504