responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 394
لا تُعرف إلا في جوَّ الحكومات الشخصية الرهيبة التي كانت كلمة واحدة تصدر من عالم أو مؤلف في نقد ملك أو حاكم تطيح بحياته [1].
ولم يقتصر الغزالي على إبداء آرائه في السلاطين الجائرين في مؤلفاته، بل أبدى رأيه وجهر بالحق والنصيحة أمام الملوك كُلمَّا سنحت له فرصة, وقد قال للسلطان «سنجر بن ملك شاه السَّلجوقي» الذي كان يحكم خراسان من أقصاها إلى أقصاها: إن رقاب المسلمين كادت تنقض بالمصائب والضرائب, ورقاب خيلك كادت تنقضُّ بالأطواق الذهبية [2]، وقد كتب إلى أخيه الأكبر محمد بن ملك شاه - وكان أكبر ملوك عصره - رسالة ذكَّره فيها بمسئوليته، وحذره من عقاب الله وغضبه, ولفت نظره إلى إصلاح المملكة [3]. وكتب إلى وزراء المملكة رسائل مستفيضة، ولفت نظرهم بكل جرأة وصراحة إلى فساد الأوضاع، وجور الحكام وابتزازهم للأموال، وما كان يعانيه الشعب من حيف الأمراء، وغفلة المسئولين، وطمع الموظفين، وحذرهم عقاب الله وبطشه، وذكرهم بمصير الوزراء السابقين، والحكام الظالمين، وحثَّهم على إصلاح الجهاز الإداري، وتنظيم الحكومة والضرب على يد الظلمة, ورسائله الفارسية التي وجهها في هذا المعنى إلى الوزراء مثال الشجاعة والصَّدع بالحق، ومثال لقوة الإنشاء وبلاغة التعبير، كالتي أرسلها إلى فخر الملك، ومجير الدين [4].
ولم يقتصر الغزالي على بذل النصيحة لملوك عصره ووزرائهم وتوجيههم الديني، وتحذيرهم من سخط الله، بل كان يبحث -لعلو همته وحرصه على إقامة الدين وإسعاد المسلمين- عن دولة فتية تقوم على أساس ديني متين، وفكر سليم، وقد قامت في عصره دولة نشيطة بريئة من كثير من علل الحكومات الإسلامية التي عاصرها، وهي دولة المرابطين بالمغرب، كان على رأسها رجل هو أقوى ملوك المسلمين في عصره وأنشطهم، هو يوسف بن تاشفين، صاحب مراكش، ويحدثنا ابن خلكان، أن الغزالي قصده لعله يتعاون معه على توجيه الحكومة [5]، يقول ابن خلكان: وبلغني أن الإمام حجة الإسلام، أبا حامد الغزالي -تغمده الله تعالى برحمته - لما سمع ما هو عليه من الأوصاف الحميدة، وميله إلى أهل العلم، عزم على التوجه إليه، فوصل إلى الإسكندرية، وشرع في تجهيز ما يحتاج إليه، فوصله خبر وفاته، فرجع عن ذلك العزم [6].
د- نقده للبدع والمنكرات التي حدثت في المجتمع: لم يكن نقد الغزالي مقتصرًا على

[1] رجال الفكر والدعوة (1/ 224).
[2] المصدر نفسه (1/ 225).
[3] المصدر نفسه (1/ 225).
[4] المصدر نفسه (1/ 225، 226).
[5] المصدر نفسه (1/ 227).
[6] وفيات الأعيان نقلاً عن رجال الفكر والدعوة (1/ 227).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 394
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست