responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 393
الناس، وإذا فسدا فسد الناس، وطالما حكى قول بعض السلف: لو كان لي دعوة مستجابة لدعوتها للسلطان، فإن الله يصلح بصلاحه خلقاً كثيراً والناس يمنعهم من إسداء النصح وقول الحق المر أمران: الخوف والطمع. وهو في حياته الجديدة ليس عنده ما يخاف عليه، وليس عندهم ما يطمع فيه، وقد خبت في قلبه جمرة الحرص، وحب المال والجاه، بعد أن جعل الدنيا طريقاً لسفره لا محلا لإقامته واتخذ منها قنطرة يعبرها ولا يعمرها؛ زاره وزير الخليفة أنوشروان في بيته تكريماً له، وإقراراً بمنزلته وفضله, وما كان ليحدث من هؤلاء الكبراء إلا لمثل الغزالي، ولكن أبا حامد قال له: زمانك محسوب عليك وأنت كالمستأجر للأمة، فتوفرك على ذلك أولى من زيارتي [1]. وقد أدرك الغزالي ببصيرته وثقافته الواسعة أن أول ما نقص من عُرى الإسلام ما يتعلق بالحكم والسياسة، وأن أبرز ما انحرف فيه الحكم عن صراط الإسلام كان في سياسة المال, ولهذا شدد النكير على السياسة المالية للسلاطين، وشدد على العلماء في الدخول عليهم أو مخالطتهم، أو قبول الهدايا منهم لأنها رشوة على الدين، ولأن أموالهم جلها سحت [2]، وإليك آراء الغزالي في هذا المجال:
- تحريم التعامل مع السلاطين الظلمة.
- تحريم التجارة في الأسواق التي بناها السلاطين الظلمة.
- تحريم التعامل مع قضاة السلاطين الظلمة وخدمهم وشرطتهم.
- تحريم الانتفاع بالمرافق والمؤسسات التي بناها السلاطين الظلمة. وقد فصل هذه الأمور في كتابه أحياء علم الدين [3]. وقد تحدث الغزالي عن سلاطين عصره فقال: .. فلا تسمح نفوس السلاطين بعطية إلا لمن طمحوا في استخدامهم والتكثر بهم، والاستعانة بهم على أغراضهم، والتجمُّل بغشيان مجالسهم، وتكليفهم المواظبة على الدعاء والثناء والتزكية والإطراء في حضورهم ومغيبهم, فلو لم يُذل الآخذ نفسه بالسؤال أولاً وبالتردد في الخدمة ثانية، وبالثناء والدعاء ثالثاً، وبالمساعدة له على أغراضه عند الاستعانة رابعاً، وبتكبير جمعه في مجلسه وموكبه خامساً، وبإظهار الحُب والموالاة والمناصرة له على أعدائه سادساً، وبالستر على ظلمه ومقابحه ومساوئ أعماله سابعاً، لم ينُعم عليه بدرهم واحد ولو كان في فضل الشافعي رحمه الله مثلاً؛ فإذًا لا يجوز أن يؤخذ منهم في هذا الزمان ما يُعلم أنه حلال لإفضائه إلى هذه المعاني فكيف ما يُعلم أنه حرام أو يشك فيه، فمن استجرأ على أموالهم، وشبَّه نفسه بالصحابة والتابعين، فقد قاس الملائكة بالحدادين [4]. وقيمة هذه الكلمة الجريئة

[1] المنتظم لابن الجوزي (9/ 170).
[2] الغزالي بين مادحيه وناقديه، ص 89.
[3] المصدر نفسه، ص 89.
[4] إحياء علوم الدين (1/ 122، 123).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست