responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 390
مطوياً، وصار نسياً منسياً، ولما كان هذا ثلماً في الدين مُلمًا، وخطباً مُدلهمًا، رأيت الاشتغال بتحرير هذا الكتاب مُهمًّا لإحياء الدين، وكشفاً عن مناهج الأئمة المتقدمين، وإيضاحاً لمناحي العلوم النافعة عند النبيين والسلف الصالحين [1]. ويعتقد الغزالي أن التبعة الكبرى في هذا الفساد الشامل، والضَّعف في الدين والانحلال في الأخلاق، تقع على العلماء، ورجال الدين، وهم السبب الأول في فساد الأوضاع؛ لأنهم ملح الأمة، وإذا فسد الملح فما الذي يُصلحه؟ ويتمثل الغزالي ببيت خوطب فيه العلماء:
يا معشر القُّراء يا ملح البلد ... ما يصلح الملح إذا الملح فسد
ويذكر كيف مرضت قلوب الناس، واشتدت الغفلة عن المعاد ويذكر أسباب ذلك، فيذكر منها مرض العلماء واعتلالهم، وهم أطباء القلوب فيقول: والثالثة: وهو الداء العضال .. فقد الطبيب، فإن الأطباء هم العلماء، وقد مرضوا في هذه الأعصار مرضاً شديداً، وعجزوا عن علاجه. ويقول في موضع آخر: فإن الأطباء هم العلماء وقد استولى عليهم المرض، فالطبيب المريض قلما يلتفت إلى علاجه، فلهذا صار الدّاء عُضالاً، والمرض مزمناً، واندرس هذا العلم، وأنكر بالكلية طبُّ القلوب، وأنكر مرضها، وأقبل الخلق على حب الدنيا، وعلى أعمال ظاهرها عبادات وباطنها مُراءاة [2]. ويردُّ الغزالي فساد الملوك والأمراء إلى ضعف العلماء وإهمالهم لواجبهم يقول: بالجملة إنما فسدت الرعية بفساد الملوك، وفساد الملوك لفساد العلماء، فلولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك، خوفاً من إنكارهم [3]. ويلوم الغزالي العلماء على تقاعدهم عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلمة الحق عند سلطان جائر ويعلل ذلك بوقوع العلماء في شباك الأمراء، وحبهم للدنيا وطلبهم للجاه [4]. ولاحظ الغزالي - وقد مضى مدة طويلة في التدريس والإفتاء، وعاش بين العلماء وخبر سيرتهم - أنه قد شغل الناس بالجُزئيات الفقهية، والمسائل الخلافية، ووقع الاكتفاء بعلم الفقه والفتيا, وانصرف بذلك العلماء وطلبة العلم عن العلوم النافعة، والأشغال المفيدة الأخرى, وشُغلوا عن العلم الذي يُصلحون به نفوسهم، وينالون به سعادة الدنيا والآخرة [5]. وقد ترتب عن فساد رسالة العلماء وانتشار الشكلية الدينية في المجتمع الإسلامي آثار من أهمها:

[1] إحياء علوم الدين (1/ 3).
[2] إحياء علوم الدين (3/ 54).
[3] المصدر نفسه (2/ 132).
[4] رجال الفكر والدعوة (1/ 217) نقلاً عن إحياء علوم الدين.
[5] المصدر نفسه (1/ 218).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 390
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست