responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 389
إسلامي أصيل، فاهتم بجانب الإصلاح الفكري والنفسي. وهذا مبدأ قرآني واضح {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] وبدأ الغزالي بخاصة نفسه أولاً، ثم أخذ بتغيير ما بأنفس الآخرين، واستمر أصحابه وتلامذته في تطبيق هذا المنهاج [1]، فأسهمت هذا الجهود مع جهود أخرى في ظهور جيل نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي كما سنرى في مكانه.
الصفة الرابعة: إن الغزالي لم يعالج قضايا المسلمين باعتبارهم قومية منفصلة تصارع قوميات أخرى، وإنما باعتبار هذه القضايا بعض مضاعفات قعود المسلمين وعجزهم عن حمل واجبهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر [2].
3 - تشخيص الغزالي لأمراض المجتمع الإسلامي:
أ- فساد رسالة العلماء: ركز الغزالي في مواقع جمة على نقد العلماء المنتسبين إلى الدين وهم في الحقيقة علماء الدنيا, وهو يحملهم مسئولية كبيرة في فساد الملوك والحكام وفساد العوام، ويرى أن الداء العضال فقد الطبيب، والأطباء هم العلماء، وهم أنفسهم مرضوا مرضاً شديداً [3]، فتحدث عما وقع فيه أهل العلم ورجال الدين من طلب الجاه والرياسة، ونيل الحظوة عند أهل الحكم والسياسة، والجدل الفارغ والنقاش الحاد، والاكتفاء بمسائل الفروع والأحكام والانصراف عن علم الآخرة، وتهذيب النفس، وحقيقة ما فيه المنتدبون للإصلاح والدعوة من الكلام المزخرف، واللفظ المسجع، والقصص المُلهية، ورأى عموم الفساد، وغفلة الناس, وسكوت العلماء، وفقدان النذير [4] فالغزالي يرى أن أدلة الطريق هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وقد شغر منهم الزمان ولم يبق إلا المتمرسون، وقد استحوذ على أكثرهم الشيطان، واستهواهم الطغيان، وأصبح كل واحد بعاجل حظه مشغوفاً؛ فصار يرى المعروف منكراً والمنكر معروفاً حتى ظل علم الدين مندرساً، ومنار الهدى في منطقة الأرض منطمساً، ولقد خيَّلوا إلى الخلق أن لا علم إلا فتوى حكومة تستعين به القضاة على فصل الخصام عند تهاوش الطغام، أو الجدل يتذرع به طالب المباهاة إلى الغلبة والإفحام، أو سجع مزخرف يتوسَّل به الواعظ إلى استدراج العوام إذا لم يروا ما سوى هذه الثلاثة مصيدة للحرام، وشبكة للحطام.
فأمَّا علم طريق الآخرة، ما درج عليه السلف الصالح مما سماه الله سبحانه في كتابه فقهاً وحكمة، وعلماً وضياء ونوراً, وهداية ورشداً, فقد أصبح بين الخلق

[1] هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس، ص 107.
[2] المصدر نفسه، ص 107.
[3] الغزالي بين مادحيه وناقديه، ص 79.
[4] رجال الفكر والدعوة (1/ 214).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 389
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست