سادساً: دور أبي حامد الغزالي في الإصلاح:
1 - منهج الغزالي في الإصلاح: ذكر الدكتور ماجد عرسان الكيلاني أن القواعد التي قام عليها منهج الغزالي في الإصلاح والتجديد ثلاث قواعد:
القاعدة الأولى: إن الأساس في وجود الأمة المسلمة هو إخراجها لحمل رسالة الإسلام إلى العالم كله، وحين قعد المسلمون عن تبليغ الرسالة امتلأت الأرض بالفتنة والفساد الكبير, وأصبح المسلمون وغيرهم ضحايا هذا القعود.
القاعدة الثانية: وترتبط القاعدة الثانية بالأولى ارتباطاً متلاحماً, فما دام المسلمون مسئولين عن حمل رسالة الإصلاح إلى العالم، وما داموا قاعدين عن حمل هذه الرسالة، فإنه من الواجب أن يجري البحث في أسباب هذا القعود من داخل المسلمين أنفسهم.
القاعدة الثالثة: فقد جاءت مكملة للقاعدة الثانية، فما دامت الحاجة ماسة إلى تلمس أسباب القعود، فإن الغاية من هذا التلمس يجب أن تستهدف التشخيص وتقديم العلاج لا مجرد تواترات «سلبية» تقوم على التلاوم وتبادل الاتهام [2].
2 - صفات منهج الغزالي في الإصلاح: تميز منهج الغزالي في الإصلاح بصفات
عدة منها:
الصفة الأولى: خلو كتاباته من تحريض المسلمين على جهاد الصليبيين، وخلوها من التنديد بوحشيتهم، وجرائمهم التي كانوا يقترفونها في أطراف العالم الإسلامي.
الصفة الثانية: هي اعتماد النقد الذاتي، ولذلك لم يلجأ إلى تلمس التبريرات وإلقاء المسئولية على القوى المهاجمة التي جذبتها عوامل الضعف وقابلية الهزيمة من الخارج, وهذا منهج في البحث يتفق مع المبدأ الإسلامي القائل: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] فكان الغزالي يحاول أن يعالج قابلية الهزيمة، فالمشكلة حسب تصور الغزالي في فساد المحتويات الفكرية والنفسية عند المسلمين في أمور العقيدة والاجتماع وما سوى ذلك هي مضاعفات تزول بزوال المرض الأساسي [3].
الصفة الثالثة: التي اتصف بها منهج الغزالي في الإصلاح هي انطلاقه من منطلق [1] سير أعلام النبلاء (19/ 339). [2] هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس، ص 106. [3] المصدر نفسه، ص 107.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 388