responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 387
د- تصحيح مفهوم الزهد: الزهد أصل كبير من أصول التصوف، نتج عنه الإعراض عن الدنيا، وهو المسلك الذي يجاهد الصوفية نفوسهم من أجله كمرحلة أولى من طريقهم، ولكن بعضهم بالغ في هذا، بل وعلى حد تعبير الغزالي: أضلهم الشيطان في الإعراض عنها [1]. وقد ساق لنا نموذجًا من هذا الإعراض، وبين خطأهم، ثم بين لنا السلوك الصحيح في هذا الموضوع بقوله: .. وإنما الناجي منها فرقة واحدة وهي السالكة ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهو: أن لا يترك الدنيا بالكلية، ولا يقمع الشهوات بالكلية. أما الدنيا: فيأخذ منها قدر الزاد. وأما الشهوات فيقمع منها ما يخرج عن طاعة الشرع والعقل، ولا يتبع كل شهوة، ولا يترك كل شهوة، بل يتبع العدل، ولا يترك كل شيء من الدنيا، ولا يطلب كل شيء من الدنيا بل يعلم مقصود كل ما خلق من الدنيا ويحفظه على حد مقصوده:
فيأخذ من القوت ما يقوى به البدن على العبادة, ومن المسكن ما يحفظ عن اللصوص، والحر والبرد.
ومن الكسوة كذلك حتى إذا فرغ القلب من شغل البدن، أقبل على الله تعالى بكنه همته، واشتغل بالذكر والفكر طوال العمر. وبقي ملازماً لسياسة الشهوات، ومراقباً لها، حتى لا يجاوز حدود الورع والتقوى، ولا يعلم ذلك إلا بالاقتداء بالفرقة الناجية، وهم الصحابة وقد كانوا على النهج القاصد، وعلى السبيل الواضح، .. فإنهم ما كانوا يأخذون الدنيا للدنيا، بل للدين, وما كانوا يترهبون ويهجرون الدنيا بالكلية، وما كان لهم في الأمور تفريط ولا إفراط بل كان أمرهم بين ذلك قواماً وذلك هو العدل والوسط بين الطرفين، وهو أحب الأمور إلى الله تعالى ... والله أعلم [2].
والخلاصة: أنه مما لا شك فيه أن أثر الغزالي كان كبيراً على التصوف، إذ أراده تصوفاً سنياً، على طريقة الجنيد, وقد أفلح إلى حد كبير في الإصلاح في هذا الميدان ولا يمكن تقدير ذلك إلا بالمقارنة بين ما كان عليه التصوف قبل الغزالي وما آل إليه بعده [3]. ومن عرف كيف كان التصوف قبل الغزالي، ثم كيف صار بعده عرف فضل الغزالي على
التصوف وأهله، وما ترك فيه من أمر واضح، يشهد به المتخصصون في علم هذا الجانب
من جوانب الثقافة والحياة الإسلامية, وهذا ما اعترف به وقرره الذين عنوا بدراسة
التصوف ورجاله وتاريخه [4]، ومهما يكن من أمر في هذا الباب الخطير، فالغزالي إمام كبير،

[1] إحياء علوم الدين (3/ 230).
[2] إحياء علوم الدين (3/ 230).
[3] الغزالي للشامي، ص 140.
[4] الغزالي بين مادحيه وناقديه، ص 124.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 387
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست