responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 386
وقال في رسالة «أيها الولد»: إن العلم بدون عمل جنون، والعمل بدون علم لا يكون، والإحياء هو الكتاب الذي وضعه لسالكي الطريق. إذن فهو ينكر كل الإنكار أن تكون المجاهدة ورياضات النفس قبل العلم. ويرى الغزالي أن نظرة العالم أدق وأصوب من نظرة الصوفي [1]. ولذلك قال: .. ونور العلم إذا أشرق أحاط بالكل وكشف الغطاء ورفع الاختلاف [2].
ب- رفض الغزالي للتأويلات الباطنية التي تخرج بالنصوص الشرعية عن مقتضى ظواهرها بغير اعتصام فيه بنقل عن صاحب الشرع، ومن غير ضرورة تدعو إليه من دليل العقل، فإن هذا يقتضي بطلان الثقة بالألفاظ , وتسقط من منفعة كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإن ما يسبق إلى الفهم لا يوثق به، والباطن لا ضابط له, ومثل لذلك بقول بعضهم في قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}: أي إشارة إلى قلبه. وقوله {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} أي ما يتوكأ عليه ويعتمده مما سوى الله فينبغي أن يلقيه, ومثله حديث: «تسحروا فإن في السحور بركة» وتأويله بأنه الاستغفار في الأسحار، وبهذا الطريق توصل الباطنية إلى هدم جميع الشريعة بتأويل ظواهرها [3].
جـ - جعل من التصوف علمًا أخلاقيًا عمليًا: فقد نقله من مجرد الذوق والتحليق والشطح والتهويل إلى علم أخلاقي عملي يعالج أمراض القلوب وآفات النفوس ويزكيها بمكارم الأخلاق. ومن نظر إلى (الإحياء) عرف أن لبابه وغايته في نصفه الأخير وهو يتكون من ربعين: ربع (المهلكات) وربع (المنجيات) وكل من هذه وتلك عشرة كاملة وكلها تدور حول «الأخلاق»، فهو - كما ذكر في مقدمة الكتاب - يذكر في (المهلكات) كل خلق مذموم ورد القرآن بإماطته وتزكية النفس عنه وتطهير القلب منه. ويذكر في (المنجيات) كل خلق محمود، وخصلة مرغوب فيها، من خصال المقربين والصديقين التي بها يتقرب العبد من رب العالمين [4]. كما أخذ عليهم من الناحية العلمية عدم دقتهم في تعريفاتهم لأعمال القلوب، لغلبة أحوالهم الذاتية والآنية عليهم. ومن تتبع الإحياء وغيره من كتب الغزالي، بإنصاف، وجد أنه حاول كبح جماح القوم، والوقوف بهم عند الحدود والحواجز الشرعية، وضبط أقوالهم وأعمالهم، بتقييد مطلقها، وتحديد مبهمها، وإعطائها معنى مقبولاً، ونجح في ذلك إلى حد بعيد [5].

[1] الإمام الغزالي للشامي، ص 134.
[2] إحياء علوم الدين (2/ 242، 243).
[3] إحياء علوم الدين (1/ 27).
[4] الإحياء (1/ 3) , الغزالي بين مادحيه وناقديه، ص 123.
[5] الغزالي بين مادحيه وناقديه، ص 124.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست