responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 383
[3] - تصوف بغير شيخ: بدأ الغزالي تصوفه في شهر رجب عام 488هـ - كما ذكر في
المنقذ - حيث التجاذب في نفسه بين شهوات الدنيا ودواعي الآخرة، فلم يزل يقدم رجلاً ويؤخر أخرى, وتصدق رغبته بكرة وتضعف عشية حتى صمم أخيراً على سلوك طريق الآخرة, واستمر هذا التردد قرابة ستة أشهر - كما قال - وما طول هذه المدة إلا لأن الأمر الذي يقدم عليه هي الخطوة الأولى في هذه النقلة البعيدة المدى مادياً ونفسياً, ولم يكن هناك من يستشيره في هذا الأمر، فيكون في مشورته مساعدة على البت فيه، إنما كان تصرفاً شخصياً، كان الباعث عليه وقوفه على علم التصوف الذي أيقظ فيه حساب نفسه وتدبر أمره. وأما ما تذكره بعض المصادر من أنه تتلمذ على الفارمدي وأخذ منه استفتاح الطريقة، وامتثل ما كان يشير به عليه من القيام بوظائف العبادات والإمعان في النوافل [1]، فذلك أمر فيه نظر ذلك أن «الفارمدي» توفي عام 477هـ والغزالي لم يبدأ مشوار التصوف إلا في أواخر عام 488هـ أي بعد أكثر من عشر سنوات من وفاة الرجل, ولعله كان مرشداً في علم التصوف لا في التطبيق، ذلك أن عام 477هـ وما قبله كانت الفترة التي سيطر فيها على الغزالي التطلع على الجاه والمنزلة .. الأمر الذي يتعارض مع مفهوم التصوف. نستطيع القول إذن بأن الغزالي قطع طريق التصوف بمجاهدته الشخصية دون الاعتماد على شيخ تتوافر فيه المواصفات اللازمة المهمة وليس هذا بمستغرب على الغزالي، فقد كان له من الهمة والعزم ما تصغر معه عظائم الأمور [2].
4 - نقد الغزالي للصوفية: على الرغم من أن الغزالي يزكي طريقة الصوفية؛ لأنها تتضمن العلم والعمل معاً، وأنه انحاز إلى طريقتهم الذوقية في نهاية الأمر، بعد التجربة والممارسة وإتقان العلم، فإنه لم يتوان عن نقد معظم فرق الصوفية التي سادت في عصره وما قبله، نقداً شديداً [3]، وسلط الأضواء على أخطاء وانحرافات بعض المتصوفة.
أ- قلة المتصوفين: يرى الغزالي أن التصوف غير موجود، وذلك لعدم وجود من يسلك الطريق، وإذا وجد السالكون، فهم غير منضبطين مع ما يتطلبه الطريق من سلوك. يقول: والأمور الدينية كلها قد فسدت وضعفت، إلا التصوف، فإنه قد انمحق بالكلية وبطل لأن العلوم لم تندرس بعد والعالم - وإن كان عالم سوء - فإنما فساده في سيرته لا في علمه، فيبقى عالماً غير عامل بعلمه والعمل غير العلم. وأما التصوف فهو عبارة عن تجرد القلب لله تعالى، واستحقار ما سوى الله، وحاصله يرجع إلى عمل القلب والجوارح، ومهما فسد

[1] طبقات الشافعية للسبكي (4/ 109).
[2] الإمام الغزالي، ص 108.
[3] مسألة المعرفة ومنهج البحث عند الغزالي, د. أنور الزعبي، ص 187.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست