responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 382
الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة - استغراق القلب بالكلية بذكر الله، وآخرها الفناء بالكلية في الله؟. وهذا الآخر بالإضافة إلى ما يدخل تحت الاختبار والكسب ولكن الترقي مستمر حتى ينتهي إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق، ولا يحاول معبر أن يعبر عنها إلا اشتمل لفظه على خطأ صريح، لا يمكن الاحتراز عنه، قال: وعلى الجملة: ينتهي الأمر إلى قرب يكاد يتخيل منه طائفة «الحلول» وطائفة «الاتحاد» وطائفة «الموصل» .. وكل ذلك خطأ ويأخذ على الغزالي دخوله إلى التصوف. وقد كان دخول المحب العاشق لا دخول الفاحص الناقد، فلم ينظر إلى علوم الصوفية وتراثهم بعين النقد التي نظر بها إلى علوم الفلسفة والمتكلمين والباطنية بل بعين الرضا والحب:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا
وقال الشاعر: ... وإذا الحبيب أتي بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع
لقد تعامل مع التصوف بقلبه قبل عقله، وبذوقه قبل فقهه، وهذا ما جعله يقبل أشياء مما أخذ على القوم في الفكر، وفي السلوك دون أن يعرضها على قانون الفقه أو منطق العقل, ومن أجل هذا أنكر عليه العلامة ابن الجوزي وغيره من الناقدين قوله لكثير من أفكار الصوفية وأعمالهم وأحوالهم، وهي مخالفة لقانون الشرع، منحرفة عن الكتاب والسنة الصحيحة. وربما اعتذر أبو حامد في بعض الأحيان عن تجاوزات بعض القوم باعتذارات لا يقبلها منه الفقهاء، كقوله بعد حكاية الصوفي الذي عرفه الناس بالإصلاح في محله، فخاف على نفسه الفتنة، فدخل الحمام، وسرق بعض الثياب الفاخرة، ولبسها وخرج .. فلحقه الناس وأخذوا منه الثياب وصفعوه ... وصار يعرف بعد ذلك (لص الحمام)؟ فسر بذلك وسكنت نفسه [1]. قال أبو حامد: فهكذا كانوا يروضون أنفسهم، حتى يخلصهم الله من النظر إلى الخلق، ثم من النظر إلى الخلق، ثم من النظر إلى النفس، وأرباب الأحوال ربما عالجوا أنفسهم بما لا يفتي به الفقيه، مهما رأوا صلاح قلوبهم، ثم يتداركون ما فرط منهم من صورة التقصير [2]، وابن الجوزي شدد النكير على أبي حامد في حكاية هذا وأمثاله واستحسانه وتبريره [3].

[1] الغزالي بين مادحيه وناقديه، ص 120.
[2] تلبيس إبليس، ص 354، 355، الإحياء (3/ 288).
[3] الغزالي بين مادحيه وناقديه، ص 121.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست