responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 381
قدس الله أرواحهم، وغير ذلك من كلام مشايخهم، حتى اطلعت على كنه مقاصدهم العلمية وحصلت ما يمكن أن يحصل من طريقهم بالتعليم والسماع، فظهر لي أن أخص خواصهم: ما لايمكن الوصول إليه بالتعلم، بل بالذوق، والحال وتبدل الصفات. ثم قال: وكم من الفرق بين أن يعلم حد الصحة وحد الشبع، وأسبابهما، وشروطهما، وبين أن يكون صحيحاً وشبعان وبين أن يعرف حد السكر .. وبين أن يكون سكران بل السكران لا يعرف حد السكر، والصاحي يعرف حد السكر وأركانه، وما معه من السكر شيء. والطبيب - في حالة المرض - يعرف حد الصحة وأسبابها، وأدويتها، وهو فاقد الصحة، وكذلك فرق بين أن تعرف حقيقة الزهد وشروطها، وأسبابها، وبين أن يكون حالك «الزهد» وعزوف النفس عن الدنيا. ثم تحدث عن خلاصة ما توصل إليه بشأن المتصوفة، فقال: فعلمت -يقيناً- أنهم أرباب «الأحوال» لا أصحاب «الأقوال» وأن ما يمكن تحصيله من طريق العلم، فقد حصلته، ولم يبق إلا ما لا سبيل إليه بالسماع والتعلم، بل بالذوق والسلوك [1].
2 - نتائج الدراسة: كان من نتائج دراسة الغزالي للتصوف أنه نظر في نفسه وتفحص ما هو فيه، فإذا به يرى غروراً كاذباً، وحياة غلبت عليها المظاهر، ففقدت روحها وهويتها وقاس نفسه بمقاييس الإسلام الحقة، فأشفق على نفسه .. لقد تبين له من نفسه:
أنه كان جل اهتمامه بالجانب النظري من العلم دون الجانب العملي وأن ما كان يعده عملاً يتقرب إلى الله تعالى به من التدريس والتعليم، كان فاقداً لشرط القبول وهو النية .. وإذا به فجأة يجد نفسه بلا رصيد في مقياس الآخرة.
وأنه يفتقد عنصراً مهماً في ميداني النظر والعمل وهو «الإخلاص».
فاكتشف من نفسه ما دفعه إلى الخوف، وإلى الحرص على الوقت فيما تبقى من عمره أن يصرف في مرضاة الله [2]. وانتهى به المطاف إلى طريق الصوفية، فعلم يقيناً - كما يقول هو - أنهم هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطرق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق، بل لو جمع عقل العقلاء، وحكم الحكماء الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً .. وأن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور النبوة، وليس على وجه الأرض نور يستضاء به [3]. وبالجملة فماذا يقول القائلون في طريقة طهارتها - وهي أول شروطها - تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى .. ومفتاحها

[1] المنقذ من الضلال، ص 139 - 141 ..
[2] الإمام الغزالي للشامي، ص 106.
[3] الغزالي بين مادحيه وناقديه، ص 118.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست