responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 379
المصطلح كان إفرازاً أنتجه الواقع عندما بدأت تخصصات العلوم تأخذ أبعادها، فقد كانت كلمة «الفقه» تشمل كل ما انضوى تحت كلمة التصوف، فلما اقتصر مفهوم كلمة الفقه على فقه العبادات وفقه المعاملات في جانبها الظاهر، واستبعدت منه بحوث الأخلاق والسلوك، كان لا بد لهذه الجوانب المستبعدة من الاستقلال والانضواء تحت عنوان يمثلها, فكان التصوف ومن السهل تعداد ما يشتمل عليه هذا العنوان: فالأخلاق الكريمة هي الأساس والزهد الذي يعني الترفع عن الدنيا ولا يعني ذلك أن الفقر هو الطريق، وكثرة العبادة هي وسيلة القرب إلى الله تعالى, وبتطبيق العلم مع الإخلاص تكون النجاة [1]، يقول الغزالي في رسالته «أيها الولد»: ينبغي لك أن يكون قولك وفعلك موافقاً للشرع، إذ العلم والعمل بلا اقتداء الشرع ضلالة، وينبغي لك ألا تغتر بشطح الصوفية وطاماتهم، لأن سلوك هذا الطريق يكون بالمجاهدة وقطع شهوة النفس، لا بالطامات والترهات [2]. تلك هي العناصر التي انضوت تحت هذا العنوان .. ثم تبعتها فضوليات ليست في الإسلام في شيء وهي التي أشار إليها الغزالي بالطامات والترهات, وظهرت مصطلحات أخرى مثل «أهل الإرادة» و «أرباب السلوك» التي استعملها ابن القيم رحمه الله.
ولكنها لم تنتشر انتشار المصطلح الأول، ومن غير الصواب أن ينظر إلى الفضوليات التي أدخلت على التصوف على أنها الأصل، وتنسى العناصر الأصيلة، فيحارب التصوف كله بما فيه من حق وباطل وهو المسلك الذي سلكه ابن تيمية [3] رحمه الله حيث قال في شأن الصوفية عندما علق على كلام أبي القاسم القشيري: والثابت الصحيح عن أكابر المشايخ (الصوفية) يوافق ما كان عليه السلف. وهذا هو الذي كان يجب أن يذكر، فإن في الصحيح الصريح المحفوظ عن أكابر المشايخ مثل الفضيل بن عياض، وأبي سليمان الداراني، ويوسف بن أسباط، وحذيفة المرعشي، ومعروف الكرخي إلى الجنيد بن محمد، وسهل بن عبد الله التستري، وأمثال هؤلاء ما بين حقيقة مقالات المشايخ, وقد جمع المشايخ إما بلفظه أو بما فهمه هو - أي القشيري - غير واحد، فصنف أبو بكر محمد بن إسحاق الكلاباذي كتاب «التعرف لمذاهب التصوف» وهو أجود مما ذكره أبو القاسم وأصوب، وأقرب إلى مذهب سلف الأمة وأئمتها وأكابر مشايخها، وكذلك معمر بن زياد الأصفهاني شيخ الصوفية، وأبو عبد الرحمن السلمي جامع كلام الصوفية، هما في ذلك أعلى درجة وأبعد عن البدعة والهوى من أبي القاسم، وكذلك عامة المشايخ الذين سماهم أبو القاسم في «رسالته» لا يعرف عن شيخ منهم أنه كان ينصر طريقة

[1] الإمام الغزالي، ص 100.
[2] أيها الولد للغزالي نقلاً عن الإمام الغزالي للشامي، ص 100.
[3] الإمام الغزالي، ص 101.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 379
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست