responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 377
ثم إنهم رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد بعث إلى كل أهل الملل، فلم يقعد معهم في مجلس مجادلة لإلزام وإفحام وتحقيق حجة، ودفع سؤال وإيراد إلزام، فما جادلهم إلا بتلاوة القرآن المنزل عليهم، ولم يزد في المجادلة عليه، لأن ذلك يشوش القلوب [1].
وبين الغزالي الغلط في إطلاق لفظ «التوحيد» على علم الكلام فقال: لفظ التوحيد: وقد جعل الآن عبارة عن صناعة الكلام، ومعرفة طريق المجادلة، والإحاطة الآن عبارة عن صناعة الكلام، ومعرفة طريق المجادلة، والإحاطة بطرق مناقضات الخصوم والقدرة على التشدق فيها. حتى لقب طوائف منهم أنفسهم بأهل العدل والتوحيد، وسمي المتكلمون: العلماء بالتوحيد، مع جميع ما هو خاصة هذه الصناعة، لم يكن يعرف منها شيء في العصر الأول، بل كان يشتد منهم النكير على من كان يفتح باباً من الجدل والمماراة، فأما ما يشتمل عليه القرآن من الأدلة الظاهرة التي تسبق الأذهان إلى قبولها في أول السماع، فلقد كان ذلك معلوماً للكل، وكان العلم بالقرآن هو العلم كله، وكان التوحيد عندهم عبارة عن أمر آخر، لا يفهمه أكثر المتكلمين، وإن فهموه لم يتصفوا به، وهو أن يرى الأمور كلها من الله عز وجل [2]. وأنكر الغزالي على عوام الناس ان يشتغلوا بعلم الكلام. وقال: إن دين عوام الناس ينبغي أن يكون صافياً نقياً بعيداً عن تعقيدات الجدليين المتكلمين؛ ولهذا ينبغي إلجام العوام عن علم الكلام [3]. ثم بين الإمام الغزالي أن إيمان العوام الحاصل لهم بتواتر السماع إنما يقوى بكثرة العبادة والذكر فيقول: والإيمان الراسخ على الحقيقة هو إيمان العوام الحاصل على قلوبهم من الصبا بتواتر السماع، وتمام تأكيده بلزوم العبادة والذكر، فإن من تمادت به العبادة إلى حقيقة التقوى وتطهير القلب من كدرات الدنيا وملازمة ذكر الله دائماً تجلت أنوار المعرفة وصارت الأمور - التي كان قد أخذها تقليداً - عنده كالمعاينة والمشاهدة .. والكلام المستفاد من الدليل الكلامي ضعيف جداً مشرف على الزوال بكل شبهة [4].
وقال: لست أنكر أنه يجوز أن يكون ذكر أدلة المتكلمين أحد أسباب الإيمان في حق بعض الناس، لكن ليس ذلك بمقصور عليه وهو أيضاً نادر، بل الأنفع الكلام الجاري في معرض الوعظ كما يشتمل عليه القرآن. فأما الكلام المحَّرر على رسم المتكلمين، فإنه يُشعر نفوس المستمعين بأن فيه صنعة وجدلاً، ليعجز عنه العاميّ، لا لكونه حقاً في نفسه؛ وربما يكون ذلك سبباً لرسوخ العناد في قلبه، ولذلك لا ترى مجلس مناظرة للمتكلمين ولا للفقهاء ينكشف عن واحد انتقل من الاعتزال أو بدعة إلى غيره، ولا عن مذهب الشافعي إلى مذهب أبي حنيفة،

[1] إحياء علوم الدين (3/ 394 - 395).
[2] المصدر نفسه (1/ 33).
[3] إلجام العوام عن علم الكلام، ص 38.
[4] فيصل التفرقة للإمام الغزالي، ص 204.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست