responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 376
رابعاً: الغزالي وعلم الكلام:
ما من شك أن الغزالي ألف كتباً في علم الكلام, ونترك الغزالي يحدثنا عما استقر رأيه في هذا العلم فقد قال: إني ابتدأت بعلم الكلام، فحصلته، وعقلته، وطالعت كتب المحققين منهم، وصنفت فيه ما أردت أن أصنف، فصادفته علماً وفياً بمقصوده، غير وافٍ بمقصودي. وإنما مقصوده، حفظ عقيدة أهل السنة، وحراستها من تشويش أهل البدعة، فقد ألقى الله تعالى إلى عباده على لسان رسوله عقيدة هي الحق، على ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، كما نطق بمعرفته القرآن والأخبار، ثم ألقى الشيطان في وساوس المبتدعة أموراً مخالفة للسنة، فلهجُوا بها، وكادوا يشوشون عقيدة الحق على أهلها، فأنشأ الله طائفة المتكلمين، وحرك دواعيهم لنصر السنة بكلام مرتب، يكشف عن تلبيسات أهل البدعة المحدثة، فمنه نشأ علم الكلام وأهله [1]. هكذا نشأ علم الكلام وصَرّح الغزالي أنه لم يف بحاجته عند الفحص، ووجده قاصراً عن أداء المهمة الموكلة إليها، خاصة أن أصحابه قد أكثروا الخوض فيه، وخاضوا في البحث عن الجوهر والأعراض وأحكامها .. ولم يحصل من علمهم ما يمحو ظلمات الحيرة [2]. ولهذا لما تحدث الغزالي في كتابه (الإحياء) عن العلوم قال: اعلم أن حاصل ما يشتمل عليه علم الكلام من الأدلة التي ينتفع بها، فالقرآن والأخبار مشتملة عليه، وما خرج عنهما فهو إما مجادلة مذمومة وهي من البدع .. وإما مشاغبة بالتعلق بمناقضات الفرق لها، وتطويل بنقل لمقالات أكثرها ترهات وهذيانات، تزدريها الطباع وتمجها الأسماع، وبعضها خوض فيما لا يتعلق بالدين [3]. ثم بين أن ذلك لم يكن في الصحابة فقال: .. فلقد قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن آلاف من الصحابة -رضي الله عنهم- كلهم علماء بالله أثنى عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن فيهم أحد يحسن صنعة الكلام [4].
وقد بين الغزالي أن بعض الفرق ضلت بسلوكها طريق علم الكلام، ولفت النظر إلى أن القرن الأول لم يسلكوا هذا المسلك فقال: ولكنه عميت بصيرته، فلم يلتفت إلى القرن الأول، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهد لهم بأنهم خير الخلق، وأنهم قد أدركوا كثيراً من أهل البدع والهوى، فما جعلوا أعمارهم ودينهم عرضاً للخصومات والمجادلات .. وإذا رأوا مصراً على ضلالته هجروه وأعرضوا عنه وأبغضوه في الله ولم يلزموا الملاحاة معه طول العمر، بل قالوا: إن الحق هو الدعوة إلى السنة، ومن السنة ترك الجدل في الدعوة إلى السنة، إذ روى أبو أمامة الباهلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما ضل قوم قط بعد هدى كانوا عليه أوتوا الجدل» [5].

[1] المنقذ من الضلال، ص 96 وما بعدها.
[2] المصدر نفسه، ص 101.
[3] إحياء علوم الدين (1/ 22).
[4] المصدر نفسه (1/ 23).
[5] سنن الترمذي، قال الترمذي: حسن صحيح.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 376
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست