responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 351
النوم ليلاً أو نهاراً, وآكل إذا اشتهيت الطعام أيَّ وقت كان ... ثم يقول أبو الحسن: كان لذته ولهوه وتفننه في مذاكرة العلم، وطلب الفائدة من أي نوع كان [1]، قال عنه المجاشعي النحوي: ما رأيت عاشقاً للعلم مثل هذا الإمام [2].
هـ- رقة القلب وخشوعه: رزقه الله رقة القلب وخشوعه، وشفافية نادرة، قالوا: ومن رقة قلبه أنه كان يبكي إذا سمع بيتاً أو تفكر في نفسه ساعة، وإذا شرع في حكاية الأحوال، خاصة في علوم الصوفية، في فصول مجالسه بالغدوات أبكى الحاضرين ببكائه، وقطر الدماء من الجفون بزعقاته وإشاراته لاحتراقه في نفسه، وتحققه مما يجري من دقائق الأسرار [3]. ويصور السبكي هذا قائلاً: وإذا وعظ ألبس الأنفس من الخشية ثوباً جديداً، ونادته القلوب: إننا بشر فأسجح فلسنا بالجبال ولا الحديد [4]. إن التصوف في حقيقته هو التزكية وحفظ الجوارح من المعاصي, وتطهير النفوس من أمراضها, والزهد في الدنيا, والتعلق بالله وحده, مع الخلو من البدع والانحرافات والخرافات والغلو التي ما أنزل الله بها من سلطان, وهو في جوهره جزء من الإسلام، لأنه عبارة عن تربية النفس لتوثيق صلتها بالله تعالى، وتعميق مراقبتها له في كل لحظة, واستمرار القلب واللسان في ذكر الله تعالى، وكان العلماء في سلف هذه الأمة يهتمون بتزكية نفوسهم والإكثار من الذكر والأوراد, ويحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا، إلا أن طريق التصوف في وقتنا الحالي يحتاج إلى تنقية وعرض تراثه على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقد تسربت بعض الأفكار الدخيلة إلى العقيدة مما ينكره الدين والإسلام، فعلم التزكية له أصوله من عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة الكرام والتابعين بإحسان، من أمثال الحسن البصري ومالك بن دينار ومحمد بن واسع وعبد الله بن المبارك وغيرهم كثير.
و- كرمه وجوده: وأما كرمه وسخاؤه، فقد كان مضرب المثل، لم يشغل بمال يثمره، ولا براتب يدخره، فقد كان ينفق على طلبة العلم، ويبحث عمن يدرس الفقه لينفق عليهم [5]. هذه بعض صفاته التي ذكرها المؤرخون.
5 - القيمة العلمية لكتاب الإمام الجويني غياث الأمم: من مقدمة كتاب «غياث الأمم في التياث الظلم» يمكن الاستنتاج بأن هذا الكتاب قد وضع أصلاً لتبيان حقيقة الدين الإسلامي في أمور الإمامة والولاية وجملة الشريعة وفق اجتهاده، والخطاب فيه موجه إلى وزير الدولة نظام الملك، فقد حاول تبيان أهمية الدور الذي لعبه الوزير نظام الملك في تثبيت أركان المذهب السني وإعزاز

[1] كذب المفترى, نقلاً عن فقه إمام الحرمين، ص 58.
[2] كذب المفترى, نقلاً عن فقه إمام الحرمين، ص 58.
[3] فقه إمام الحرمين، ص 59.
[4] طبقات الشافعية, نقلاً عن فقه إمام الحرمين، ص 59.
[5] الإمام الجويني، ص 208, طبقات الشافعية (5/ 170، 175).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 351
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست