responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 121
تسنح الفرصة [1] وفي سنة 484هـ دخل السلطان مدينة بغداد ومكث في دار المملكة حتى يكون على مقربة من المقتدي، الذي بدأ نفوذه يتقلص أكثر فأكثر حتى لم يعد له من الأمر إلا الاسم، لا يتعدى حكمه بابه ولا يتجاوز جنابه ([2]
وأقام السلطان أيضاً عيد ميلاده على نهر دجلة وازدانت بغداد بزينة باهرة في هذه المناسبة، في البر والنهر، وبعد كل ما جرى من تحطيم لمعنويات المقتدي، أقدم السلطان ملكشاه على التدخل المباشر في مصير الخلافة العباسية، وطلب من المقتدي أن يجعل أبا الفضل جعفر ابن بنت السلطان ولياً لعهده بدلاً من ابنه الأكبر الإمام المستظهر بالله الذي كان المقتدي قد بايع له بالخلافة من بعده [3]، وحاول الخليفة أن يتملص من هذا الأمر، إلا أن السلطان كان مصمماً على الانتقام من المقتدي وإجلائه نهائياً عن مدينة بغداد، فحين دخلها سنة 485هـ، بعث إلى الخليفة يقول له: لا بد أن تترك لي بغداد وتنصرف إلى أي البلاد شئت، فانزعج الخليفة من هذا انزعاجاً شديداً ثم طلب من السلطان أن يمهله شهراً واحداً فرفض السلطان وقال: ولا ساعة واحدة. ثم اتصل الخليفة بوزير السلطان تاج الملك أبي الغنائم الذي تمكن من إقناع السلطان أن يمهل الخليفة عشرة أيام كي يرتب أموره ويرحل إلى البصرة أو إلى أي بلد يختاره [4]. وهكذا حل بالمقتدي ذل وهوان لا مثيل له في حياته كلها وهو لا يستطيع أن يرد عن نفسه ولا يستطيع أن يقف في وجه ملكشاه، فالتجأ إلى ربه يدعوه ليلاً ونهاراً أن يفرج عنه ويخرجه من هذا المأزق وكان يقوم الليل ويصوم النهار خاشعاً متضرعاً إلى الله تعالى, وفي هذه الفترة خرج السلطان إلى الصيد فعاد مريضاً ومات قبل أن تنتهي فترة الإنذار التي أعطاها للخليفة وعد هذا الأمر كرامة للمقتدي، وقد تخلص من عار محقق ومأساة واقعة، وهكذا وصل الخليفة إلى درجة من الضعف لا يحسده عليها عدو [5].
وقد علق ابن كثير على دخول ملكشاه إلى بغداد وإرادته إخراج الخليفة منها بقوله: وقدم السلطان بغداد في رمضان بنية غير صالحة، فلقَّاه الله في نفسه ما يتمنَّاه لأعدائه، وذلك أنه لما استقر ركابه ببغداد، وجاء الناس للسّلام عليه والتهنئة بقدومه، وأرسل إليه الخليفة يُهنئهُ بعث إلى الخليفة يقول له: لا بد أن تترك لي بغداد وتتحول إلى أيَّ البلاد شئت، فأرسل إليه الخليفة يستنظره شهراً، فقال: ولا ساعة واحدة، فأرسل يتوسل إليه في إنظاره عشرة أيام، فأجاب إلى ذلك بعد تمنُّع شديد، فما استتم الأجل حتى خرج السلطان يوم عيد الفطر إلى العيد، فأصابته حُمى شديدة،

[1] المنتظم (9/ 46، 47) , الحضارة الإسلامية في بغداد، محمد حسين، ص 37.
[2] المنتظم (9/ 57).
[3] وفيات الأعيان (5/ 288).
[4] المنتظم (9/ 62) , الحضارة الإسلامية في بغداد، ص 39.
[5] وفيات الأعيان (5/ 389) , الحضارة الإسلامية في بغداد، ص 39.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست