responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 120
وجلس في دار الشجرة بقميص أبيض، وعمامة بيضاء لطيفة ... وجاء الوزراء والأمراء والأشراف ووجوه الناس فبايعوه، فكان أوّل من بايعه الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الحنبلي وأنشده قول الشاعر:
إذا سيدٌ منا مضى قام سيَّدٌ
ثم أُرتج عليه فلم يدر ما بعده، فقال الخليفة:
قئول لما قال الكرام فَعُولُ
وبايعه من شيوخ العلم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، والشيخ أبو نصر بن الصَّباغ، الشافعيان، والشيخ أبو محمد التميمي الحنبلي، وبرز فصلّى بالناس العصر، ثم بعد ساعة أخرج تابوت جده بسكون ووقار من غير صراخ ولا نواح فصلى عليه وحمل إلى المقبرة رحمه الله، وقد كان المقتدي بالله شهماً شُجاعاً، أيامه كلها مباركة، والرزق دار، والخلافة معظمة جدًّا، وتصاغرت الملوك له، وتضاءلوا بين يديه، وخطب له بالحرمين وبيت المقدس، والشامات كلها، واسترجع المسلمون الرُّها وأنطاكية من أرض العدو، وعُمَّرت بغداد وغيرها من البلاد، واستوزر ابن جهير ثم أبا شجاع، ثم أعاد ابن جهير وقاضيه الدّمغاني، ثم أبو بكر الشامي وهؤلاء من خيار القضاة والوزراء ولله الحمد [1]، وفي شعبان من خلافته أخرج المفسدات من الخواطئ من بغداد على حُمُرات ينادين على أنفسهن بالعار والفضيحة، وخرّب دورهن وأسكنهن الجانب الغربيَّ، وخرَّب أبرجة الحمام، ومنع من اللعب بها، وألزم الناس بالمآزر في الحمّامات ومنع أصحاب الحمّامات أن يصرفوا فضلاتها إلى دجلة وألزمهم بحفر آبار لتلك المياه القذرة صيانة لماء الشرب [2].

ثالثاً: تدهور العلاقة بين ملكشاه والمقتدي:
أخذت علاقة الخليفة بالسلطان تسوء شيئاً فشياً، وكانت بداية هذه الانتكاسة تعود إلى سوء التفاهم الذي وقع بين المقتدي وزوجته خاتون ابنة السلطان ملكشاه سنة 482هـ, وقد تطور هذا الخلاف وانكشف أمره عندما أخبرت خاتون أباها بالأمر وشكت له إعراض المقتدي عنها، وعلى الفور أرسل السلطان إلى الخليفة يطلب ابنته التي توجهت إلى بيت أبيها في أصبهان بموكب يليق بها مع ابنها الأمير أبي الفضل جعفر بن المقتدي وما كادت تستريح في بيت والدها حتى فارقت الحياة في السنة نفسها، فتمت التعزية بها في أصبهان ومدينة بغداد، وبدأ السلطان ملكشاه من الآن فصاعداً يخطط لإزعاج الخليفة والانتقام منه عندما

[1] البداية والنهاية (16/ 49، 50).
[2] المصدر نفسه (16/ 51).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 120
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست