اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 217
القوية بعض فلول الجيش المنهزم وسكانها العزَّل، وكان المسلمون يأملون نظرا لمناعة المدينة الطبيعية والحربية أن يردوا هجمات أعدائهم حتى يحل فصل الشتاء.
ونظَّم النصارى في الواقع على المدينة هجوما عاما خسروا فيه كثيرا من القتلى ولم يسفر عن أي نجاح، لولا أن استطاع الأرغونيون أن يتسلقوا الأسوار في أضعف نقطة فيها، وان يحتلوها، ولكن القلعة وباقي أطراف المدينة بقيت على ثباتها رغم جهود الأسبان، وعندئذ رأى الملوك، أن خير الطُرق وأكثرها إنسانية هي أن يقبل النصارى ما عرضه المسلمون، وكان المسلمون حينما سقطت بعض أجزاء السور في يد الأرغونيين قد خشوا العاقبة، وأرسلوا إلى ملوك النصارى يعرضون عليهم فدية قدرها ألف ألف قطعة من الذهب "مليون دينار"، على أن يتركوا المدينة حرة يسكنها المسلمون وفقا لشريعتهم وشعائر دينهم، وهكذا قُبل العرض وعقد الملوك مع المدينة اتفاقات بهذا المعنى نظرا لما أنسوه من صعاب في افتتحها.
ولكن الأحبار الظامئين إلى دماء المسلمين، اعلنوا بطلان هذا الاتفاق، وطلبوا أن تسلَّم المدينة دون قيد أو شرط، فشاء ضعف الملوك أن ينقضوا العهد المقطوع، منتحلين لذلك عذرا هو أن المسلمين بعد أن فتحوا ابواب المدينة للنصارى، لم يؤدُّوا الضريبة المضروبة عليهم في الحال، وسرعان ما أطلق النصارى العنان لقسوتهم في معاملة هؤلاء المنكودين، فقُتل من في أبدة زهاء ستين ألفا، وسُبي مثل هذا العدد، وهُدمت الدور بعد أن خلت المدينة من سكانها، وعندئذ أبدى الأحبار رضاهم، ورتَّلوا أناشيد الشكر ضارعين إلى المولى أن يشملهم برحمته " [1]. [1] انظر: العقاب ص53.
اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 217