اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 212
أراد ان يسير بنفسه على رأس الجنود الليونيين والطليطليين، وهم جماعة مختارة كانت تؤلِّف القوة الاحتياطية، وان يقتحم الميدان ليحاول محاولة اليأس الأخيرة، وكانت كلماته التي قالها لمطران طليطلة وهي: "إن الساعة قد حانت لتلقي الموت المجيد" [1].
تدل على أنه لم يكن يأمل النصر بعد. ولكن اعتراضات المطران ردت ألفونسو عن أن يخوض بنفسه أعظم الاخطار، وأرسلت في الوقت ذاته قوات من أشجع الجند لإمداد الجيش المرتد، وسار الأحبار أنفسهم على رأس الجند إلى قلب المعمعة، وهم يرفعون أعلاما عليها صورة المسيح، يثيرون بذلك أعظم الحماسة الصليبية في نفوس جندهم.
وانتهزت جماعات الفرسان والجند الجبليين فرصة تقدم الامدادات الجديدة، ليلمُّوا شعثهم، وينظِّموا جموعهم، ثم عادوا فاستأنفوا زحفهم بمؤازرة القوى الجديدة، وهم يحطِّمون كل مقاومة في اتجاه قلب الجيش الاسلامي، حيث كان الناصر لدين الله وحرسه، وفي الوقت الذي ضربوا فيه هجومهم على السلاسل الحديدية التي احتشدت من ورائها ألواف مؤلفة من الحراس شاهرين الحراب، كان جناحا الجيش الإسلامي قد حُطِّما، ذلك أنه ما إن بدأت الموقعة حتى ركن الأندلسيون الذين كانوا يقاتلون مرغمين مع الموحدين إلى الفرار، وترتَّب على ذلك أن وقع اضطراب عظيم في الجيش الإسلامي، ولم يصمد في ذلك القتال إلا جند الموحدين النظاميين، والحرس المغاربة، فقد صمدوا في مقاومة هجمات النصارى، وصدوهم في كل ناحية بشجاعة فائقة، وبسالة نادرة، ورجولة فريدة، وجلد لا مثيل له، ولكن الدائرة حطمت وأصبح نصر [1] انظر: تاريخ الاندلس في عهد المرابطين والموحدين (2/ 118) نقلاً عن العقاب ص45.
اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 212