اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 181
لقد انتهى يوم الأرك بهزيمة النصارى على نحو مروع، وسقط منهم في القتال ثلاثون ألف قتيل، بينهم زهرة الفروسية الأسبانية، وغنم المسلمون معسكر الأسبان بجميع مافيه من المتاع والمال، واقتحموا عقب الموقعة حصن الأرك، وقلعة رباح المنيعتين [1].
وسرعان ما ارتفع نجم الموحدين الحربي في كل مكان بعد انتصارهم في موقعة الأرك، وأمر يوسف المنصور باذاعة النبأ من منابر المساجد في جميع مملكته الشاسعة، وخصص خمس الغنائم بعد أن وزع باقيها على الجند لبناء مسجد ضخم في اشبيلية، اشتهرت منارته بارتفاعها البالغ مائتي متر [2]، كما بنى حصنا كبيراً في مراكش لتخليد ذكرى الموقعة.
وعامل أبو يوسف يعقوب المنصور الأسرى بالإحسان ومنحهم الحرية دون افتداء وكان عددهم عشرين ألفا وقد ساء وقع هذا الجود لدى الموحدين واعتبروه خطأً لكون ذلك العدد الهائل سيكون قوة عسكرية كبيرة ستشد أزر مملكة قشتالة فيما بعد وستسعى للانتقام من المسلمين [3].
لقد رأى أبو يوسف المنصور أن ينتهز فرصة انهزام ملك قشتالة وتفرق النصارى، فقام في أوائل سنة 592هـ/ 1196 بغزوة جديدة في قلب الأراضي النصرانية واخترق ولاية "استراما دورة" وعبر النهر الكبير "الوادي الكبير" في اتجاه نهر التاجة، وبعد أن فتح عدة حصون وقلاع، ظهر أمام أبواب طليطلة عاصمة قشتالة، فامتنع الفونسو مع جيشه الصغير بعاصمته ولم يجرؤ أن [1] انظر: روض القرطاس ص145. [2] انظر: معركة الأرك ص63. [3] المصدر السابق نفسه.
اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 181