اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 180
انقضاض الأسد على فريسته وأصابوا قلب جيشه القشتالي إصابة دامغة وكان ملك قشتالة يقود قلب جيشه بنفسه ويحيط به عشرة آلاف فارس، منهم فرسان الداوية وفرسان قلعة رباح، لقد استمرت المعركة وهي حامية الوطيس ساعات متتالية واستبدل المسلمون النقص في العدد، بالاقدام والشجاعة، حتى أنه لما زحف زعيم الموحدين في حرسه وقواته الاحتياطية، ورد تقدم الفرسان القشتاليين واضطرهم إلى الفرار في غير انتظام، لم يغادر ألفونسو وفرسانه عشرة الآلاف مكانهم في القلب، ذلك لأنهم أقسموا جميعاً بأن يموتوا ولا يتقهقروا، فاستمرت المعركة على اضطرامها المروع، والفريقان يقتتلان تحت سحب كثيفة من الغبار، وأرجاء المكان تدوى بوقع حوافر الخيل، وقرع الطبول، وأصوات الأبواق، وصلصلة السلاح، وصياح الجند، وأنين الجرحى [1].
وأيقن الموحدون بالنصر حينما انحصرت المقاومة في فلولا من النصارى التفت حول ملك قشتالة. وهجم أمير الموحدين في مقدمة جيشه لكي يجهز على هذه البقية، أو يلجئها إلى الفرار، فنفذ الى قلب الفرسان النصارى، والعلم الأبيض يخفق أمامه منقوشاً عليه: "لا إله إلا الله محمد رسول الله، لاغالب إلا الله". ولم يشأ الفونسو بالرغم من اشتداد ضغط المسلمين عليه من كل صوب، ومواجهته لخطر الهلاك والسحق المحقق، أن ينقذ نفسه بالفرار، وأن يتحمل عار الهزيمة، وتساقط معظم الفرسان النصارى حول ملكهم مخلصين لعهدهم، ولكن بقية قليلة منهم استطاعت أن تنجو وأن تقتاد الملك بعيداً عن الميدان، وأن تنقذ بذلك حياته [2]. [1] انظر: تاريخ الاندلس لأشباخ (2/ 86). [2] انظر: الأرك ص61.
اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 180