اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 179
المسلمين كالسيل الجارف المندفع من علٍ [1].
وفي البيان المغرب في معرض الحديث عن القشتاليين، لما رأوا الجيش الاسلامي في سهل الأرك، وهم في المرتفع المشرف عليه: "فهبطوا من مراكزهم كالليل الدامس والبحر الزاخر، أسرابا تتلوها أسرابٌ، وأفواجا تعقبها أفواج، ليس إلا الصهيل والضجيج والحديد على وقع العجيج، فدفعوا حتى انتهوا إلى الأعلام، فتوقفت كالجبال الراسيات، فمالوا على الميسرة فتزحزح قوم من المطوعة وأخلاط من السوقة والأحرجة، فصعد غبارها الى الجو، فقال "أبو يوسف، المنصور لخاصته ومن طاف به: جددوا نياتكم وأحضروا قلوبكم ثم تحرك وحده وترك ساقته على حالها، وسار منفرداً من خاصته مقدما بشهامته ونجدته، ومر على الصفوف والقبائل، وألقى اليهم بنفسه كلاماً وجيزاً في الهجوم على عدوهم والنفوذ إليه، وعاد الى موضعه وساقته" [2] لقد رد المسلمون هجمات القشتاليين مرتين، ولكن العرب والبربر استنفذوا جميع قواهم لرد هذا الهجوم الشرس، ولما عززت صفوف النصارى بقوى جديدة، هجموا للمرة الثانية، وضاعفوا جهودهم واقتحموا صفوف المسلمين وفرقوها، وقتلوا قسما منها، واضطر الباقون إلى التقهقر والتراجع، وأكرم الله الآف من المسلمين بالشهادة، منهم القائد العام أبو يحيى بن أبي حفص، الذي سقط شهيد وهو يقاتل بمنتهى الشجاعة والرجولة والعزة والبسالة، وظن النصارى أنهم أحرزوا النصر بعد أن حطموا قلب جيش الموحدين، ولكن الجناح الأيمن للمسلمين بقيادة القائد الأندلسي أبي عبد الله بن صناديد انقض على النصارى [1] انظر: معركة الأرك ص59. [2] انظر: البيان المغرب ص194/ 195.
اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 179