اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 423
وأصحاب الجزائر، كالبندقية والبيشانية والجَنوية، وغيرهم، قد تأهبوا بالعمائر البحرية والأساطيل القوية، والإسلام يا أمير المؤمنين أعزُّ ناصراً، لاسيما وهم ينصرون باطلاً وهو ينصر حقاً وهو يعبد خالقاً وهم يعبدون خلْقا (1)
وقد استجاب الخليفة لمطالب صلاح الدين وأنعم عليه بحكم مصر والشام وأرسل إليه رسل دار الخلافة عندما كان يحاصر حماة في عام (570هـ/1174م) تحمل التشريفات والتقليد والتمليك، والتفويض [2] وهذا دليل على رغبة الخلافة العباسية في التعامل الصادق مع صلاح الدين الذي رأت فيه الشخصية التي سوف تملأ الفراغ الذي تركه نور الدين محمود، واعتراف له بالسلطنة، وأنه أصبح الشخصية المؤهلة للدفاع عن المسلمين وقد أضفى هذا التقليد عليه، المهابة أمام الأمراء المسلمين بعامة، والصليبيين بخاصة والواقع أن صلاح الدين، على الرغم مما توافر له من القوة، كان بحاجة إلى مساندة الخلافة في صراعه مع الأمراء المسلمين المناوئين وبخاصة الزنكيين، لذلك كان يُطلعُ هذه الخلافة على تحركاته، ومنجزاته ليكسب تأييدها [3].
2 - دخوله دمشق: وصل صلاح الدين بجيشه إلى دمشق واستقبل استقبالاً طيباً وفتح له ابن المقدم في اليوم التالي، أبواب المدينة وسلّمها له، وامتنعت عليه القلعة وكانت بيد خادم اسمه جمال الدين ريحان، فاستماله صلاح الدين وأقنعه بتسليمها له، وهكذا ضّم صلاح الدين دمشق وقلعتها بحجة حماية الصالح إسماعيل من خطر الصليبيين، والأمراء الطامعين واسترَّد الأملاك التي استولى عليها سيف الدين غازي أمير الموصل والجزيرة [4] واعتمد صلاح الدين في دمشق سياسة تأييد الناس له فأمر بإنفاق الأموال على الناس وإبطال الضرائب وإزالة المكوس وإطابة النفوس وأكرم العلماء لما كان لهم من تأثير كبير على العامة حيث زار دار القاضي كمال الدين الشهرزوري وأزال سوء التفاهم بينهم [5]، وأجابه القاضي الشهرزوري بقوله: طب نفساً فالأمر أمرك والبلد بلدك [6]، فكانت كلمات القاضي إعلاناً للدمشقيين بالتسليم المطلق لصلاح الدين والانقياد له، فأعلنوا فرحتهم وسرورهم [7]، وسلموا مقاليدهم
(1) كتاب الروضتين (2/ 368) .. [2] تاريخ الأيوبيين في مصر والشام ص 84. [3] المصدر نفسه ص 84. [4] تاريخ الأيوبيين في مصر وبلاد الشام ص 56. [5] دور المدن الفلسطينية في مقاومة الغزو الصليبي ص 53. [6] ذرات الذهب في أخبار من ذهب (4/ 243). [7] المصدر نفسه (4/ 243).
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 423