responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 422
الأسباب لفتحه، وأمر الكفُر إن لم يجرد العزم في قَلعْه وإلا نبتت عروقه وأتَّسعت على أهل الدين خُروقه، وكانت الحجة لله قائمة، وهمم القادرين بالقعود آثمة. وإنَّا لا نتمكن بمصر منه مع بُعد المسافة، وإنقطاع العمارة، وكلال الدَّواب التي بها على الجهاد القّوة وإذا جاورناه كانت المصلحة بادية، والمنفعة جامعة واليد قادرة، والبلاد قريبة والغزوة ممكنة والميرة متسعة، والخيل مستريحه، والعساكر كثيرة الجموع، والأوقات مساعدة. وأطحنا ما في الشام من عقائد مَعتَّلة، وأمور مختَلَّة وأراء فاسدة، وأمراء متحاسدة وأطماع غالبة، وعقول غائبة، وحفظنا الولد القائم بعد أبيه فإنّا به أولى من قوم يأكلون الدّنيا باسمه ويُظهرون الوفاء في خدمته وهم عاملون بظلمه. والمراد الآن هو كل ما يقوي الدولة، ويؤكد الدعوة ويجمع الأمة ويحفظ الألفة ويضمن الرأفة ويفتح بقية البلاد وأن يطبَّق بالإسم العباسي كل ما تطبقه المهاد، وهو تقليد جامع بمصر، واليمن والمغرب والشام، وكل ما تشتمل عليه الولاية النورية، وكل ما يفتحه الله تعالى للدولة العباسية بسيوفنا وسيوف عساكرنا، ولمن نقيمه من أخٍ أو ولدٍ من بعدنا تقليداً يضمن للنعمة تخليداً، وللدعوة تجديداً، مع ما ينعم من السمات التي فيها الملك.
وبالجملة فالشام لا تنتظم أموره بمن فيه والبيت المقَّدس ليس له قرْن يقوم به ويكفيه، والفرنج فهم يعرفون منا خَصماً لا يَمَلُّ الشر حتى يملوا، وقرْنا لا يزال محرم السيف حتى يجلوا، وإذا شَدَّ رأيناَ حُسْن الرأي ضربنا بسيف يقطع في غمده، وبلغنا المنى بمشيئة الله تعالى ويَدُ كل مؤمن تحت بُرْده واستنقذنا أسيراً من المسجد الذي أسرى الله إليه بعبده [1] ومن كتاب آخر فاضلي جاء فيه: لم يكن سببُ خروج المملوك من بيته إلا وعدٌ كان انعقد بينه وبين نور الدين رحمه الله تعالى في أن يتجاذبا طرفي الغزاة من مصر والشام؛ المملوك بعسكري بَرَّه وبحره، ونور الدين من جانب سهل الشَّام وَوَعْره، فلما قضى الله بالمحتوم على أحدهما وحدثت بعد الأمور أمور، واشتهرت للمسلمين عورات وضاعت ثغور، وتحكمّت الآراء الفاسدة وفُورقت المحاجُّ القاصدة، وصارت الباطنية بطانة من دون المؤمنين والكُفَّار محمولة إليها جِزَى المسلمين والأمراء الذين كانوا للإسلام قواعد، وكانت سيوفهم للنّصر موارد، يشكون ضيق حلقات الإسار، وتطرُّق الكفار بالبناء في الحدود الإسلامية، ولا خفاء أنَّ الفرنج بعد حلولنا بهذه الخطة قاموا وقعدوا، واستنجدوا علينا أنصار النصرانية في الأقطار، وسيرَّوا الصَّليب ومن كُسى مذابحهم بقمامة وهدَّدوا طاغية كفرهم بأشراط القيامة ونفذّوا البطارقة، والقسَّيسين، برسائل صُوَرِ من يصورونه ممن يسمُّونهم القِدَّسين، وقالوا: إن الغفلة إن وقعت أوقعت فيما لا يُستدرك فارطه وإن كلاً من صاحب قُسطنطينية، وصاحب صِقِليَّه، وملك الألمان وملوك ما وراء البحر،

[1] كتاب الدولتين (2/ 367).
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 422
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست