اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 424
إلى صلاح الدين، وقابلهم بالإكرام والترحيب وإظهر السرور بهم [1] وألقى صلاح الدين كلمة في أهل دمشق قال فيها: إن الله ملكنا دمشق عناية لاعنوة، ولم يكتب فيها بحمد الله إلى خطيئة خطوة ولا حدثت عثرة فيقال في أمرها لعله يقال، ولا استعبدت حقه في ذكرها لعله يقال: ..
فعلموا أن الهيثم تذره الرياح والصريم يمحوه الصباح والسيف أصدق أنباء والحق أعز بناء والباطل يضمحل عناء، والزبد يذهب جفاء، إلا وأنا رأينا العفو أقرب للتقوى وأمثل في سلوك الطريقة المثلى فحفظنا الدماء في أهبتها وأرحنا القلوب من نصبها وأبقينا السلطنة في منصبها، ورددنا السيف عن قرب نقيضها في قربها وتركنا الرياح وأطرافها تضطرم وستضطرب وقدا، وقلنا لنار الغيظ يا نار كوني برداً، ونظرنا في أحوال البيت النوري أعلاه الله فإذا قد أطفأت مصابيح نوره، وكاد ذكره في الذهاب يلحق بمذكوره [2]. وبعد ضم دمشق أخذ صلاح الدين ينفَّذ سياسته في إعادة بناء الجبهة الإسلامية المتحدة، بحيث تمتد من شمالي العراق إلى بلاد الشام، فمصر، ليتمكن، بعد ذلك، من البدء في حركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين، والمسلمون أشد ما يكونون قوة وتماسكاً [3]. ولما حصل على دمشق وقلعتها واستوطن بُقعتها، نشر عَلَم العدل والإحسان وعفَّى آثار الظلم والعدوان وأبطل ما كان الولاة استجدوه بعد موت نور الدين من القبائح والمنكرات والمؤن والضرائب والمحرمات [4]. ثم تابع تقدمه باتجاه الشمال لمناوأة كمشتكين في حلب، بعد أن عيَّن أخاه طغتكين والياً على دمشق، فضَّم حمص وتقدم باتجاه حلب، بعد أن استعصت عليه [5] القلعة.
3 - مهاجمة حلب: تولى الملك الصالح إسماعيل الحكم بعد وفاة والده ولما كان صغيراً لا يفقه تدبير شؤون الحكم، لذلك كان وجوده على رأس السلطة اسمياً فقط، بينما تمكن أعوانه من التلاعب بمقدرات الدولة ونقلوا مركز الحكم من دمشق إلى حلب [6] ومن حلب، بدأ كمشتكين، الوصي على الملك الصالح والمتفرد بحكم المدينة تنفيذ سياسية خاصة تقضي بتثبيت نفوذه، فاعتقل ابن الدايه وراح يخطط لإبعاد صلاح الدين عن حلب بكل الوسائل [1] النجوم الزاهرة (1/ 25). [2] سنا البرق الشامي ص 77 الفكر السوقي الأيوبي ص 77. [3] تاريخ الأيوبيين في مصر والشام ص 56. [4] كتاب الروضتين (2/ 344). [5] الكامل لابن الأثير نقلاً عن تاريخ الأيوبيين ص 56. [6] كنز الدرر (7/ 58 - 59).
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 424